علمتني الحياة ج(2) - منتدى جامعة دمشق

مشاركة : 61

M.E.H

جامعـي اســتثنائي

مسجل منذ: 01-01-2010
عدد المشاركات: 910
تقييمات العضو: 0
المتابعون: 13

غير موجود
اشــترك بالتحديثات
رسالة مستعجلة

رد مشاركة : علمتني الحياة ج(2)

03-09-2010 01:12 PM

القناعة

ماهي القناعة؟ تنوع العلماء في تعريف القناعة:

قال الراغب الأصفهاني: ((هي الاجتزاء باليسير من الأغراض المحتاج إليها))
فإذا بالغ في السعي وراء احتياجاته أو سعى وراء ما لايحتاج خرج عن القناعة.

أما الجاحظ فقال: ((الاقتصاد على ماسنح العيش والرضا بما تسهل من المعاشر وترك الحرص))
فالقناعة هنا كل بحسب وضعه ومعاشه.

وقال المناوي: ((الوقوف عند الكفاية والاكتفاء بالموجود وترك الحرص على المفقود))
========================
قصة وعبرة
قال الأحنف بن قيس ....عندما أنعم الله على المسلمين وفتحوا العراق وبلاد فارس فوجدوا من نفيس اللباس والطعام والأمور الباذخة الفخمة...فعادوا إلى إلى المدينة حاملين معهم الغنائم ...وارتدوا شيئا من هذه الملابس... فلما دخلوا على عمر بن الخطاب رشي الله عنه أعرض عنهم ولم يستقبلهم حتى خلعوها وعادوا ليرتدوا ملابسهم المعهودة...فما رضي أن يستقبلهم وهم يتنعمون بالنعم...
ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه قد لبسوها فلماذا يرضى بها عمر
وخطب سيدنا عمر بالمسلمين فقال: ((يامعشر المهاجرين والأنصار، والله ليقتلن الابن أباه والأخ أخاه على زهرة هذه الحياة الدنيا))
================================

قناعة عمر رضي الله عنه

في عهد عمر توسعت بلاد المسلمين وفتح الله عليهم بلاد قيصر وكسرى وجاءت الوفود على المدينة من عرب وعجم
ولكن عمر كان يرتدي ثوبه المرقع 12 رقعة...فاجتمع الصحابة وتساءلوا: لماذا لايلبس أمير المؤمنين الملابس الفخمة فهي دليل رفعة وسمو وقوة
وقالوا من يحدث عمر بهذا الأمر... فاختاروا سيدنا علي كرم الله وجهه فلم يقبل وأرسلهم إلى أمهات المؤمنين زوجات الرسول كي يحدثن عمر في الأمر ...
فذهبت السيدة عائشة والسيدة حفصة بنت عمر فكلمنه بالأمر فالله أنعم على المسلمين وفتح عليهم البلاد فلماذا لايرتدي أمير المؤمنين أفضل الملابس كي يزداد احترامه بين الناس ولامذا لا يأكل الطعام الجيد كي يقوى على حمل هم المسلمين؟؟

فماكان رد عمر؟؟

بكى عمر رضي الله عنه ثم قال:هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبع من خبز بُرّ 3 أيام أو جمع بين عشاء وغداء في يوم واحد حتى لقي الله؟
فقالت عائشة:لا
فسألها أيضا عن لباس الرسول... فقد كان صلى الله عليه وسلم يلبس جُبّة من صوف تؤذي جسده وكان ينام على عباءة فقط وكان الحصير يؤثر على جانبه
مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان موعودا بالجنة فقد كان يمضي جائعا ويلبس خشنا ويقنع بما عنده

قال عمر:مثلنا كمثل ثلاثة ....مضى الأول وتزود فوصل (سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) ومضى الثاني وتزود بمثل ماتزود الأول فوصل (أبو بكر رضي الله عنه) فلماذا يتزود الثالث بغير ماتزود صاحباه؟؟يقصد نفسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه...

فالمقصود هو أن الصحابة نفسهم كانوا مختلفين بمعنى القناعة.
رضي الله عن صحابة سدينا محمد أجمعين...

===============================

قسم الإمام الماوردي القناعة إلى ثلاث مراتب:
((الأعلى أن يقتنع بالبلغة من دنياه ويصرف نفسه عن التعرض لما سواه))
أي فقط مايعيش به
((الأوسط أن تنتهي به القناعة إلى الكفاية ويحذف الفضول والزيادة))
((الأدنى أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف على ماسنح فلا يكره ما أتاه وإن كان كثيرا ولايطلب ماتعذر وإن كان يسيرا))

فالسعي وراء الأشياء والأمور الزائدة ليس حراما... بل حلال ولكنه بعيد عن معنى القناعة
===============================

قال صلى الله عليه وسلم((ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس))
فالقناعة مفهوم قلبي ليس في المظاهر...

قال صلى الله عليه وسلم((من أصبح منكم آمنا في سربه نعافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))

هناك أشخاص يملكون الملايين والبلايين ومع ذلك فهمهم هو كسب المزيد من الثروة والمال
فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم((شو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث، ولا يملأ فاه إلا التراب))

هل من الممكن أن يكون الغني والثري قنوعا؟؟
نعم...بأن تكون الدنيا في يده وليست في قلبه...فإذا زاد ما لديه لم يفرح وإذا نقص لم يحزن.

قال تعالى((ولا تمُدّنّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتِنهم فيه ورزقُ ربك خيرٌ وأبقى))

وعندما مر عمر بن الخطاب بأحد اصحابة وكان قد خرج مشتهيا شيئا يريد أن يشتهيه فقال له((أوكلما اشتهيت اشتريت))

أحوال الرسول وصور من قناعته صلى الله عليه وسلم
(ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلا كان أحدهما تمر)
(ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- من خبز برّ وشعير يومين متتاليين حتى قُبض)
======================================

القناعة عكس الحرص والطمع...
ولكنها لا تعارض الطموح...ولاتعني الاستسلام للأمر الواقع من ذل ومهانة وقلة حيلة...
فالطموح هو العمل في الدنيا وتحقيق إنجاز فيها ابتغاء لرضى الله تعالى وطلب الآخرة ورفع كلمة المسلمين

من أعظم ما قالت العرب من الشعر قول الشاعر أبي ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع

((كن في الدنيا كأنك غريب وعابر سبيل، الغني من استغنى بالله والفقير من افتقر لما عند الناس))
===================================
حاليا تقوم الحضارة بالغرب على مبدأين.....
الفردية Individualism
المادية Materialism
فهي بعيدة عن جميع أشكال القناعة والرضا...
فلنتذكر دائما أن هدى الله هو طريقنا لبناء الحضارة...وليس مانستورده من الغرب...
================

« عرض آخر مواضيع العضو »

ملتقى طلاب جامعة دمشق

أنت غير مسجل لدينا.. يمكنك التسجيل الآن.