رد مشاركة : همسات على جدران الزمن .................. (عطر)
أعجب من هذه الحياة
يعيش الإنسان وهو معتقد انه على حق في كل أفعاله ... أقواله ...وأفكاره
يعيش الإنسان وهو متأكد من انه محور الكون وكل شيء يدور حوله
يعيش الإنسان وهو حالم في ما هو بعيد
طالبا لتلك الفتاة الساحرة أن تأتي وتخرجه من وحدته الموجود فيها
طالبا لتلك الفتاة التي رسم تفاصيلها في نفسه ... في عقله ... وفي قلبه
طالبا لتلك الفتاة التي رأى قلبها ... امسك بيدها ... ضمها إلى صدره
تلك الفتاة التي شعر بكل لحظة انه معها بكل التفاصيل ولكن ...
أين حدث كل هذا
انه خارج الواقع ولا يهم أين بالضبط
وفجأة
يحس بنسمة هادئة تحركه بلطف من مكانه ... من حياته ... من وحدته القاتلة
يحس بنسمة دافئة تعبر في قلبه البارد منذ زمن
يحس بنسمة رقيقة تجري في أوصاله ... في أحلامه ... وفي عقله
لقد أتت
لقد شعر بذلك
إنها هي
شيء ما يشده لها
يتمنى أن يسألها :
من أنت
ما اسمك
من أين أتيت
من الذي أرسلك
إلى أين تذهبين
ولكن تظل هذه مجرد أمنيات لا أكثر
يقول في نفسه
إنها مجرد نسمة لطيفة حركتني قليلا ولا تلبث أن تذهب كغيرها
ولكن
ما الذي يحدث
تتحول هذه النسمة إلى عاصفة كبيرة تقتلعه من الأرض
من ارض الوحدة
من ارض الأوهام والأحلام
لقد اكتشف أنها ليست كما اعتقد
منذ زمان بعيد مرت بحياته نسمات مماثلة
ولكنها ما لبثت أن تبددت في سماء كبريائه وأفكاره وأحلامه وأوهامه
وأصبحت من ذكرياته
ولكن في هذه المرة كان هنالك شيء مختلف
لقد استطاعت هذه النسمة فعل المعجزة
لقد فعلت فيه ما لم يقدر أي شيء فعله من قبل
انه شعور لم يمر به أبدا
شعور كان يحلم به في لحظات كثيرة
شعور كان يتمنى أن يجربه فعلا
شعور كان يختبره في ارض الخيال
لكنه الآن
يعيش فيه
فعلا يعيش فيه
لقد حملته هذه النسمة إلى ارض جديدة
عالم من الخيال
عالم لا يمكن وصفه بدقة
عالم لا يمكن إلا العيش فيه
انه سعيد في ذلك العالم
إلا انه يحترق
مع هذا هو سعيد
انه يتمنى أن يبقى في ذلك العالم
يتمنى من كل قلبه
ولكن
النسمة نفسها التي أخذته
تعيده إلى واقعه الذي يكرهه
تمر الأيام وتمر النسمة من جانبه دائما
وفي كل مرة يحدث نفس الشيء
ينتقل ثم يعود
انه خائف من إمساكها
متردد
حالم بها
ولكنه يتركها تذهب أملا في أن تعود ثانية
لقد ظل هكذا فترة من الزمن
أيام وأيام وأيام
بعدها لم يعد يطيق الأمر
لم يعد يطيق نفسه
لم يعد يطيق تصرفه
قرر أن يلمسها ويشعر بها
أن يتكلم معها ويخبرها
ولكن ضعفه يبعده عن ذلك
وتكرر نفس الموقف
في داخله يسمعها تقول له
تخلص من خوفك وأنا انتظرك
ظل يقول لا يوجد فرصة مناسبة
حتى أتت هذه الفرصة
كانت النسمة هادئة بجانب الحائط وحدها
لا يوجد حولها احد
إنها فعلا تلك الفرصة التي ينتظرها
بدأت أفكاره ومشاعره تتجادل داخله
كان يمر من جانبها عدة مرات يحاول أن ينظر إليها عن قرب أكثر
يحول أن يعرف عنها أي شيء جديد
ولكنه
لم يفعل شيء
لقد أضاع تلك الفرصة
لقد تركها فعلا
لم تعد النسمة وحيدة
لم يدرك في بادئ الأمر ماذا فعل
لكنه أدرك هذا لاحقا
لقد أدرك ما فعل
ندم كثيرا ولكن هذا لا ينفع
قرر انه سيتحدث معها مهما حدث
سيخبرها بوجوده
دائما كان يتساءل في نفسه
لماذا أنا خائف
ماذا سيحدث إن تكلمت معها
هل الأمر بهذا التعقيد
فعلا أنا لا أريد منها أي شيء
لا أريد سوى أن أبقى معها
لا أريد سوى أن تبقيني في ذلك العالم
لا أريد أن احبسها لنفسي
فقط أريدها أن تعرف بي
هل هذا كثير
لقد أدرك فعلا انه ضعيف متردد
وهذا هو المهم
لقد أدرك ذلك
انه يحاول أن يغير من نفسه
سيفعلها
مهما كانت النتائج المهم انه سيفعلها
يجب أن يريح قلبه من هذا العذاب
قلبه الذي أطفأه منذ زمن
قلبه الذي اشتعل من جديد
انه الحب
لقد وقع في الحب
لقد وقع فيه فعلا
الآن ...
هو والحب شيء واحد ينقصه تلك النسمة الأنثوية .