السّلام عليكم:
السّلامُ:مبتدأ مرفوع وعلامةُ رفعهِ الضّمة الظاهرة على آخرى.
عليكم: جار ومجرور متعلّقان بخبر محذوف تقديره كائن".
س:لكن هل يجوز أن نقول:" سلامُ عليكم" بضمّة واحدة ؟
سُمِعَ عن العرب أنّهم قالوا ذلك على حلّين:
1ـ أن نقدّر مضافا غليه محذوف والتّقدير: سلامُ اللّه عليكم.
2 ـ على تقدير إضمار "أل التّعريف" أي: السلامُ عليكم.
إعراب المصدر المؤوّل "أنّهم قالوا ذلك"
في محل رفع نائب فاعل للفعل "سُمِعَ"
والتّقدير :سُمِعَ قولُهم.
لا يجوز أن يكون "عن العرب " نائب فاعل أي الجار والمجرور لعدم تمام المعنى فيُعلّق الجار والمجرور
بالفعل "سُمِعً"
مثال على تعليق الجار والمجرور بنائب فاعل:
قال الشّاعر:
أقولُ لنفسٍ لا يُجادُ بمثلها
أقِلِّي المِرَاحَ إنني غيرُ مُقْصِرِ
بمثلها:جار ومجرور متعلّقان بنائب فاعل للفعل يُجاد.
وقال آخر:
فبكتْ بدمعٍ لا يُجادُ به
إلا لذي قَدْرٍ من الألم
به: جار ومجرور متعلّقان بنائب فاعل للفعل يُجاد.
بسم اللّه الرّحمن الرحيم.
قال تعالى:"إنْ هذان لساحران"
لهذه الآية عدّة قراءات:
1ـ قرأ أبو عمرو : «إنّ هذين لساحران» .
2 ـ وابن كثير وحفص «إنْ هذانِّ لساحران» على قولك : إنْ زيد لمنطلق .
4 ـ وقرأ ابن مسعود «أن هذان ساحران» بفتح أن وبغير لام.
ما يهمّنا من هذه القراءات "القراءة المشهورة وهي قراءة "بلحرث بن كعب" وابن كثير.
"إنْ هذانّ لساحران"
فأوضحُ القراءاتِ معنىً ولفظاً وخَطَّاً هذه القراءة والتخريج:
اعتبرا "إنْ" مخفّفة من الثقيلة ومعنى مخفّفة من الثقيلة انّها في الأصل "إنَّ" بكسر الهمزة وتشديد النّون
أي تنصب الاسم وترفع الخبر كقولنا :إنّ السماءَ صافيةٌ.
فعمل العلماء على تخفيفها أي تخفيف لفظها وجعلو
ها"إنْ" بسكون النون وبعد التّخفيف أهملوا عملها
يعني لم تعد تنصب الاسم وترفع الخبر ولمّا أهملوها خافوا أنْ تلتبس ب"إنْ" النّافية
فجيء باللّام الفارقة "واللّام الفارقة :هي الّتي تدخل على خبر "إن" المخفّفة من الثقيلة
فوظيفة هذه اللّام حتّى لا يظن المعرب أنّ "إنْ" هي نافية بل هي مخفّفة ثمّ أُهمِلَ عملها.
فعلى ذلك يكون الإعراب:
إن: مهملة.
هذان:مبتدا
لساحران:اللّام الفارقة
ساحران: خبر مرفوع بالألف لأنّه مثنّى...............إلخ.
أمَّا الكوفيون فيزعمون أنَّ "إنْ" نافيةٌ بمعنى ما، واللامُ بمعنى إلاَّ، وهو خلافٌ مشهورٌ وقد
وافقَ تخريجُهم هنا قراءةَ بعضِهم "ما هذانِ إلاَّ ساحران".
وأمَّا قراءةُ أبي عمروٍ فواضحةٌ من حيث الإِعرابُ والمعنى.
أمَّا الإِعرابُ فـ"هذَيْن" اسمُ "إنَّ" وعلامةُ نصبِه الياءُ. و"لَساحِران" خبرُهات،
ودخَلَتِ اللام توكيداً، ونحن نعلم أنّ التوكيد لتقوية الكلام .
فيكون الإعراب على هذه القراءة:
إنّ:حرف مشبّه بالفعل.
هذين: اسم إنّ منصوب الياء.
لساحران :اللّام مزحلقة تفيد التوكيد "ولا مشكلة هنا إذا اعتبرنا اللّام مزحلقة لأنّ اللّام المزحلقة تدخل
على خبر "إنّ" كقولنا:" إنّ اللّهَ عزيزٌ حكيم"
ندخل اللّام فتصبح:"إنّ اللّهَ لعزيزٌ حكيم"
لم نجري شيئا سوى زيادة توكيد الكلام وتقويته فكلمة عزيز هي "خبر" إنّ أدخلنا عليها لام
فسثمّيت هذه اللّام بالمزحلقة لأنّها زُحلِقت من الاسم على الخبر الأصل أن تدخل على الاسم: اللّه"
ولكن إنّ هي بحدّ ذاتها للتوكيد واللّام أيضا للتوكيد فزحلقت من الاسم إلى الخبر كراهة اجتماع مؤكّدين
في كلمة واحدة .
ولكن لا يجوز أن نعتبر اللّام في قراءة ابن كثير لاما مزحلقة لذلك قالوا إن مخفّفة واللّام فارقة .
ملاحظة: هناك كتاب اسمه :"كتاب اللّامات" يتناول جميع معاني اللّام في اللّغة العربيّة إن شاء اللّه
أقوم بتحميله إلى المنتدى.
قال أبو إسحاق: "لا أُجيز قراءةً أبي عمرو لأنَّها خلافُ المصحفِ".
أبو عبيد: "رأيتُهما في الإِمام مصحفِ عثمان "هذن" ليس فيها ألفٌ،
وهكذا رأيتُ رفعَ الاثنين في ذلك المصحفِ بإسقاط الألفِ، وإذا كتبوا النصبَ والخفضَ كتبُوه بالياء،
ولا يُسْقِطونها".
هنا بدأتِ المعركةُ:
فردّ السمين الحلبي عليهم بقوله:"قوله بالمعنى"
"لا ينبغي أن تردّوا على أبي عمرو قوله، وكم جاء في رسم المصحف أشياء خارجة عن القياس
وقد نصصتم أنتم ( يعني أبو عبيد +أبو اسحاق" أنّهُ لا يجوز القراءة بها فليكن هذا منها
يعني مما خرج عن القياس فإنّكم كما اعترضتم عليه زيادة الياء يُعتَرض عليكم زيادة الألف(انظر قول أبو عبيد)
أبو :الواجب أن نقول قول أبي ولكن يجوز رفعها على الحكاية)
"رأيتُهما في الإِمام مصحفِ عثمان "هذن" ليس فيها ألفٌ،"هذن"
فكيف أنتم تزيدوا ياء ونحن لا نزيد ألف
.
وذهب جماعةٌ ـ منهم عائشةُ رضي الله عنها وأبو عمروٍ ـ إلى أن هذا ممّا لَحَنَ فيه
الكاتبُ وأُقيم بالصواب.
يَعْنُون أنه كان مِنْ حقه أن يكتبَه بالياءِ فلم يفعلْ، فلم يقرَأْه الناسُ إلاَّ بالياءِ على الصوابِ.
أمَّا قراءةُ الباقين ففيها أوجه، أحدُها: أن "إنَّ" بمعنى نَعَمْ، و"هذان" مبتدأٌ، و"لَساحران"
خبرُه،وقلَّ ورودُ "إنَّ" بمعنى نعم وأنشدوا:
بَكَرَ العَواذِلُ في المَشِيْبِ
يَلُمْنَني وأَلوْمُهُنَّهْ
ويَقلْن شَيْبٌ قد عَلاك
وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّه
أي: فقلت: نَعَمْ. والهاءُ للسَّكْتِ.
إذا قلتُ لك على سبيل المثال:"لَعَنَ اللّهُ ناقةََ حملتني إليك"
فقلتَ أنت خالدالحاج: إنَّ وصاحبها "
كان المقصود من كلامك :نعم ، ولعن اللّه صاحبها"
ومعاذ اللّه أن يحصل ذلك.
بل:"رحم اللّه خالدا دنيا وآخرة"
تقول: إنّ وقائلها أي نعم ورحم اللّه قائلها.,
هذا الرأي هو رأي المبرّد وعلي بن سليمان لكن أيضا وقعت معركة فرُدّ عليه من وجهين:
1 ـ مجيء إنّ بمعنى "نعم" شاذ ولا يُقاس عليه.
إذا كان ذلك نحن ملزمون بإيجاد حلّ لما أوردناه أعلاه:
الحل في البيت:
بَكَرَ العَواذِلُ في المَشِيْبِ
يَلُمْنَني وأَلوْمُهُنَّهْ
ويَقلْن شَيْبٌ قد عَلاك
وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّه.
الحل: فإنّ الهاءَ اسمُها، والخبرَ محذوفٌ لفهمِ المعنى تقديرُه: إنه كذلك.
انتهى.
وأمّا قولي :""لَعَنَ اللّهُ ناقةََ حملتني إليك"
فهو من حذف المعطوف عليه وإبقاء المعطوف وحذف خبر "إنّ" للدلالة عليه
وتقدير الكلام: إنّها وصاحبها ملعونان.
2 ـ وهو الأهم:
دخولُ اللامِ على خبرِ المبتدأ غيرِ المؤكَّد بـ"إنَّ" المكسورةِ، لأَنَّ مثلَه لا يقعُ إلاَّ ضرورةً كقولِه:
تكلمنا عن هذا السبب أعلاه عندما قلت أنّ اللّام المزحلقة لا تدخل إلّا على خبر إنّ .
وإذا أردنا تخريج هذا الوجه نقول :"لَساحِران" يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ دَخَلَتْ عليه
هذه اللامُ تقديرُه:إنّهما ساحران.
هناك وجه آخر:
أنّ "إنْ" مخفّفة من الثقيلة "ولكن لم تهمل"
ونحن نعلم أنّ "إنْ" إذا جاءت مخفّفة من الثقيلة يكون اسمها ضمير الشّأن المحذوف أي ضمير القصّة
والتقدير:إنَّ القصةَ ذانِ لساحران."
والقصّة هنا تقابل الهاء في "هذان"
ولكن لا بدّ من الحرب ولن تنتهي المشكلةفقد ردّ هذا الوجه من وجهين:
1 ـ من جهةِ الخَطِّ، وهو أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن تُكتبَ "إنها" فيصِلوا الضميرَ بالحرفِ قبلَه كقوله تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ} فكَتْبُهم إياها مفصولةً من "إنَّ" متصلةً باسمِ الإِشارة يمنع كونَها ضميراً، وهو واضح.
2ـ الثاني: أنَّه يؤدِّي إلى دخولِ لامِ الابتداءِ في الخبرِ غيرِ المنسوخِ. وقد يُجاب عنه بما تقدَّم.
حكينا بالوجه التاني كثيير.
هناك وجه آخر:
أنَّ اسمَها ضميرُ الشأنِ محذوفٌ، والجملةُ من المبتدأ والخبرِ بعدَه في محلِّ رفعٍ خبراً لـ"إنَّ"
، التقديرُ: إنَّه، أي: الأمرُ والشأنُ.
الحرب كالعادة هذا الوجه ضعيف من وجهين:
أحدهما: حَذْفُ اسمِ "إن"، وهو غيرُ جائزٍ إلاَّ في شعرٍ، بشرطِ أَنْ لا تباشرَ "إنَّ" فعلاً كقولِه:
ـ إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الكنيسةَ يوماً
يَلْقَ فيها جَآذراً وظِباءَ.
والثاني: دخولُ اللام في الخبرِ.
قد أجابَ الزجَّاج بأنها داخلةٌ على مبتدأ محذوفٍ تقديرُه: لهما ساحران.
وهذا قد استحسنه شيخُه المبردُ،
هناك وجه آخر:
أنَّ "هذان" اسمُها، و"لَساحران" خبرُها.
ما المشكلة هنا؟
هذان:اسم إنّ ولازم تكون منصوبة بالياء هذين فكيف نقول هذان؟
التخريج:
يجوز على لغة بني الحارثِ وبين الهُجَيْم وبني العَنْبر وزُبَيْد وعُذْرَة ومُراد وخَثْعَم.
وحكى هذه اللغةَ الأئمةُ الكبارُ كأبي الخَطَّاب وأبي زيد الأنصاري والكسائي.
قال أبو زيد: "سمعتُ من العربِ مَنْ يَقْلِبُ كلَّ ياءٍ ينفتح ما قبلها ألفاً"،
يجعلون المثنى كالمقصورِ فيُثْبِتون ألفاً في جميع أحواله، ويُقَدِّرون إعرابَه بالحركاتِ وأنشدوا:
إنَّ أباها وأبا أباها
قد بَلَغا في المجدِ غايتاها.
هذا البيت تعرضت له في حلقت البحث ولحسن حظّي جاء السؤال منه.
الإشكال في كلمة "غايتاها"
هي مفعول به للفعل "بلغا"
ولا توجد علامة نصب كيف ذلك؟
الجواب الأصل :غايتيهما.
وجه آخر:
قرأ ابن مسعود: "أنْ هذان ساحِران" بفتح "أَنْ" وإسقاط اللامِ: على أنها
وما في حَيِّزها بدلٌ من "النجوى" كذا قاله الزمخشري، وتبعه الشيخ ولم ينكره.
وفيه نظرٌ: لأنَّ الاعتراضَ بالجملة القولية بين البدلِ والمبدلِ منه لا يَصِحُّ. وأيضاً
فإنَّ الجملةَ القوليةَ مفسرةٌ للنجوى في قراءةِ العامَّة، وكذا قاله الزمخشريُّ أولاً فكيف يَ
صحُّ أَنْ يُجْعَلَ "أنْ هذان ساحران" بدلاً من "النجوى".
بلشنا نفوت بالحيط ما فتنا وخلصنا نبقى على الوجه الأوّل هو الأرجح والأقوى
خالد وزمرد تريدوني أن أعرض هذا في غرفة الدردشة ماذا سيحصل يا ترى.
أخي الكريم:
انظر إلى هذا الإعجاز العلمي لكلامه تعالى هي اللّغة العربيّة لغةِ القرآن الكريم
من أجلها أفنى علماء الدّهر أعمارهم وكرّسوا طاقاتهم في سبيل كشف معانيها وإزالة غموضها
تبصّر بها وأمعن فهي سبيل الهداية.
"قل لو كان البحرُ مدادا لكلمات ِ ربي لَنَفِذَ البحرُ قبلَ أنْ تنفذَ كلماتُ ربّي"
أقولُ قوليَ هذا واستغفرُ اللّه العليّ الأجللِ .
دمتم بعونِ الرحمن.
لا تنسوا التبرعات "بردودكم"
السلام عليكم.
السلام عليكم
المصادر والمراجع:
مغني اللّبيب: لابن هشام الأنصاريّ.
معجم القواعد العربيّة : لعبد الغني الدّقر.
الكشاف: للزمخشري