النمور الاسيويه
ماهي النمور الاسيوية؟
النمور الاسيوية مصطلح ظهر قبل ثلاثين عاما للإشارة للنمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده سنغافورة وتايوان وهونج وكونج وكوريا الجنوبية، فمن أمم فقيرة محطمة حققت هذه الدول - منذ الستينيات - قفزات صناعية واقتصادية مذهلة وصلت الى 10% في العام.. فكوريا الجنوبية مثلا نهضت من أمة منهارة (قتلت الحرب الأهلية فيها أربعة ملايين مواطن) الى دولة صناعية رائدة تملك اليوم تاسع أكبر اقتصاد في العالم.. أما تايوان فلم تكن أكثر من جزيرة صغيرة للصيادين حققت قفزات اقتصادية مدهشة رفعت دخل المواطن الى 13ألف دولار ووضعتها في المركز ال 23ضمن أكبر اقتصاديات العالم (... وقل الشيء نفسه عن هونج كونج قبل انضمامها للصين عام 1997، وسنغافورة بعد انفصالها عن ماليزيا عام 1965(!!
متى سقطت النمور ؟؟
شهدت الاسواق المالية لدول جنوب شرق اسيا( النمور الاسيوية) انهيارا كبيرا منذ يوم الاثنين الموافق 27-10-1997م ،والذي اطلق عليه يوم الاثنين المجنون حيث ابتدات الازمة من تايلند ( نمر اسيا المريض) ثم انتشرت بسرعة الى بقية دول المنطقة حينما سجلت اسعار الاسهم فيها معدلات منخفضة .ولقد تسبب اندلاع تلك الازمة المالية في قدر كبير من البلبلة حول حقيقة ما جرى ودلالته وابعاده، وهل كانت تلك النمور "نمورا حقيقة "او "نمورا من ورق"؟ كما جاء في بعض الكتابات الغربية.
-اسباب الازمة الاسيوية:
1-الانخفاض الحاد في قيمة Bhat –وهي العملة الوطنية لتايلند –بعد فترة طويلة من الاعتماد على نظام سعر الصرف الثابت ،والتي حفزت الاقتراض الخارجي وعرضت قطاع المال والاعمال الى مخاطر.
2-فشل السلطات العامة في تقليل الضغوط التضخمية الجامحة والمتجسدة في بحالات العجز الخارجي الواسع واضطراب اسواق المال.
3-ضعف الاشراف والرقابة الحكومية وبالتالي تصاعد الشكوك السياسية جول التزامات الحكومة ومدى مقدرتها على اجراء الاصلاحات المناسبة لمواجهه الازمة.
4-اضافة الى الاختلالات التي سادت في اقتصاد تايلند ،فقد ساهمت التطورات الخارجية في تفاقم الازمة واهمها:
ا-ادى انخفاض اسعار الفائدة الى لدى الدول الصناعية في منتصف التسعينات الى تدفق رؤوس اموال ضخمة الى تايلند وبقية دول المنطقة.
ب-ادى الانخفاض في قيمة الدولار الامريكي الى منافسة العملات الاسيوية التي ترتبط به بشكل او باخر،ثم الى تضاءل درجة منافسة الدول الاسيوية في الاسواق العالمية.
5-مشاكل القطاع المالي حيث تم التوسع في تمويل عجز الحساب لجاري لميزان المدفوعات من خلال اقتراض من الخارج في صورة تدفقات راسمالية قصيرة الاجل،وكانت اغلبية رؤوس الاموال تمثل بالدرجة الاولى "اموال ساخنة" التي تدخل في حالات الازدهار وتفر هاربة عند بادرة الازمات.
6-عمليات التوسع في بعض فروع الانتاج التي تم تكرارها في عدد من البلدان الاسيوية ،حيث كانت كوريا الجنوبية تعاني في لحظة حدوث الازمة ،طاقة انتاجية فائضة نتيجة الافراط في التوسع في صناعة السيارات وبعض الصناعات الالكترونية.
7-دخول الصين اضعف تنافسية بعض دول جنوب شرق اسيا ،نتيجة ارتفاع الاجور وتكلفة العمل مقارنة بالتكلفة المنخفضة في الصين مما اثر على القدرة التصديرية حيث تباطا معدل نمو الصادرات السلعية في تلك البلدان منذ عام 1996.
8-الانفتاح المبكر لدول جنوب شرق اسيا على اسواق المال،ودخولها في عمليات اندماج مالي دون توافر الخبرة الطويلة ،بلاضافة الى الانخراط المبكر في عمليات الخصخصة لبعض القطاعات الاقتصادية .
اثار الازمة الاسيوية:
1-اثارها على صعيد دول جنوب شرق اسيا:
ا-تضاءل الثقة بالانظمة الاقتصادية –وخاصة المالية منها- والانظمة السياسية القائمة.
ب-الانسحاب المفاجىء لرؤوس الاموال الاجنبية في الوقت الذي ساهمت هذه الاموال في رفع معدلات النمو لهذه الدول .
2- اثارها على الصعيد العالمي:
أ- ادت الازمة الى تدهور في مؤشرات البورصات الاوربية وانخفاض في اسعار الاسهم وخاصة لكبرى الشركات المتعددة الجنسيات.
ب- باتت روسيا مركزا تابعا للازمة الاسيوية لاسيما ان العدوى قد انتقلت اليها ،فشهدت اسواق المال في روسيا انخفاضات متلاحقة بلغت ذروتها في اغسطس 1998م.
ج-وفي الولايات المتحدة الامريكية تاثر الحساب الجاري سلبيا لينخفض بمقدار 2.75% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي .
د-اما بالنسبة الى الدول النامية في الشرق الاوسط –لاسيما الدول التي تحتل السلع النفطية نسبة كبيرة من صادراتها-فانها قد تاثرت تاثرا كبيرا بانخفاض اسعار النفط ؛نتيجة لانحفاض الطلب.
هـ -وفي افريقيا كانت جمهورية جنوب افريقيا اكثر الدول تاثرا بالازمة حيث انخفضت قيمة عملتها الراند في اكتوبر 1997 بنسبة 3% مقابل الدولار ،وانخفضت اسعار الاسهم فيها بنسبة 14% وتراجعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الاجمالي بنسبة 1.75% خلال الربع الثاني من عام 1998م كما تاثرت بعض الدول الافريقية جنوب الصحراء بالازمة ،حيث كانت استثمارات بعض الدول في جنوب شرقي اسيا وخاصة ماليزيا تمثل لها احد المصادر المهمة للاستثمار الاجنبي منخفض التكلفة.
علاج الازمة:
* الجهود الدولية:
تضافرت جهود صندوق النقد الدولي مع الجهات المحلية لاحتوء الازمة ، حيث قام صندوق النقد الدولي بطرح ثلاث برامج اصلاح وصدقت عليها حكومات كل من :تايلند،اندونيسيا ،كوريا الجنوبية.
حيث هدفت برامج الاصلاح الموقعة مع كل من تايلند واندونيسيا وكوريا الجنوبية الى ما يلي:
1-الوفاء الفوري بالالتزامات الخارجية.
2-الحد من تدهور اسعار العملة.
3-الحفاظ على التوازن المالي.
4-كبح جماح التضخم.
5-اعادة بناء النظام المصرفي واصلاحه.
6- اعادة تراكم الاحتياطيات من العملات الاجنبية.
7- ازالة الاحتكارات واصلاح القطاع غير المالي المحلي.
8-استعادة الثقة في الجدارة الائتمانية للقطاع المالي.
9-الحد من تدهور الناتج المحلي.
* الجهود المحلية:
قامت حكومات الدول جنوب شرق اسيا باقامة هيئات متعددة ولجان متخصصة انيط بها اعادة هيكلة القطاع المالي ،وخلق اليات لتصفية الاصول،وتوفير رؤوس الاموال اللازمة لاعادة تمويل المصارف .ويمكن توضيح ابرز الجهود في التالي:
-اعادة تنظيم القطاع المالي:
لجأت الحكومة في تايلند الى اغلاق معظم المؤسسات المالية ،وفي كوريا الجنوبية اُغلقت بعض الشركات المالية والمصارف التجارية وقامت اندونيسيا باغلاق بعض المصارف لعدة اسابيع عقب الازمة.بينما لجات ماليزيا الى تكثيف عمليات دمج المصارف والمؤسسات المالية التي اتسم اداؤها بالضعف
-اعادة تمويل المصارف:
لجات حكومات الدول المتضررو من الازمة الى خقن النظام المصرفي برؤوس الاموال اللازمة لاستعادة نشاطها وممارسة اعمالها وقد اختلفت تكاليف التمويل من دولة الى اخرى،وكانت اقل تكاليف اعادة تمويل المصارف في ماليزيا نظرا لمحدودية تاثر قطاعها المالي مقارنة بالدول الاخرى ،ولكبر حجم الاحتياطيات التي كانت موجودة لديها قبل الازمة.
منقول بتصرف
والله ولي التوفيق