في الرواية الافريقية تجليات العرقية في الأدب الروائي الإفريقي

للمؤلف: زهير بختي دحمور
من المقدمة
طالما شكل الأدب الإفريقي حيزا مجهولا لنا نحن سكان شمال إفريقيا على رغم انتمائنا المشترك إلى القارة السمراء، وعلى الرغم من كون الصحراء الكبرى لم تكن عائقا في التواصل بين شمال القارة وجنوبهاعبر التاريخ، إلا أن الاستعمار استطاع باستراتيجياته الكولونيالية أن يصنع ذلك الشرخ بين الشمال والجنوب، وإني لا أزال أتذكر تلك اللحظات التي كنا ندرس فيها بين يدي أستاذنا مصطفى فاسي بجامعة الجزائر _وقد كنا أوائل الطلبة الذين يتكونون في مجال الأدب الإفريقي_ فنضحك لغرابة وصعوبة نطق أسماء الشعراء والروائيين الأفارقة، فلا نحن كنا متعودين على أسمائهم وأسماء قبائلهم، ولا كنا نألف رؤية كتاب في المكتبات أو مقال على شبكة الانترنيت باستثناء تصويرنا للكتب التي وهبها الدكتور عبد الله الركيبي رحمه الله لمكتبة الجامعة قبيل وفاته.
لقد كانت إفريقيا عبر حقب تاريخية طويلة مدار أطماع العديد من الدول والمؤسسات الاستعمارية، ولعل تخلفها عن باقي قارات العالم مرده إلى تعرضها لأشرس حملة استعمارية في التاريخ بعد حملة الإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر، وذلك لأن إفريقيا لا تزال الخزان الباطني لثروات العالم، لهذا لا يستبعد أن تتوالى عليها الفتن والمؤامرات التي تحاك في مخابر الاستعمار الأوروبية والأمريكية، غير أن هذا الأمر لا يمنع من وجود مناضلين وطنيين وقوميين يسعون إلى الخلاص التام من كل أنواع الهيمنة، وهاهي الآن بعض الدول كجنوب إفريقيا ونيجيريا تنمو بسرعة على الرغم من الأوضاع السياسية التي لا تطاق.
من هنا -ولكوننا ننتمي إلى القارة نفسها- كان لزاما علينا أن نعود إلى حضن إفريقيا ونحاول التعرف على آداب أقوام شاركونا بناء حضارتنا الإسلامية، وألا نقع في كمين الاستعمار الذي فصل شمال القارة عن جنوبها بدعوى اختلاف اللغة أو العرق أو الدين، بيد أن هذا الاختلاف لا يشكل عائقا للاتصال البشري والحضاري بين الشعوب.
كان هذا الكتاب المتواضع محاولة بسيطة مني لتعريف القارئ بجانب هام لعب على وتره الاستعمار، ولا يزال يلعب عليه في منطقتنا العربية والإسلامية، كما حاولت إلقاء ضوء على كيفية تطرق الرواية وتصويرها لهذا الجانب راجيا من المولى العلي القدير أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.