مريــــم
للمؤلف: باسل الخطيب - تليد الخطيب
لن أتحدث عن فيلم (مريم) أو عن السينما، لن أتحدث عن تلك الآلية المعقدة التي كانت تواجهني كل لحظة، منذ البدء بكتابة السيناريو، انتهاءً بالعمليات الفنية الأخيرة، والتي ألزمتني بأن أضع جانباً كل الخبرة التي تراكمت عبر سنوات من العمل التلفزيوني والسينمائي، كي أقترب من هذا الفيلم بروح مختلفة ومتجددة.. سأتحدث عن الرجل الذي أنا مدين له، وسأبقى كذلك ما حييت، بكل ما قدر لي أن أقدمه في السينما والتلفزيون و..الحياة. الرجل الذي أهدي لروحه الطاهرة هذا الفيلم.. العمل الأول الذي أنجزه بعد رحيله، ولن يكون بوسعه أن يراه.. والدي.. يوسف الخطيب.. من طبيعة الأمور أن يكون المرء مديناً لوالده.. خصوصاً عندما يكون أباً، ورفيقاً، وشريكاً ناصحاً.. يختلف الحال عندما يكون الوالد إنساناً، بالمعنى الأشمل للكلمة، صاحب موقف ورؤية، رجل صارع الحياة وبقي حتى النهاية متشبثاً بكل ماعاش من أجله وآمن به، وأن يقدر للابن أن يعيش في كنفه، متماهياً مع عالمه، شاهداً على لحظات حياته الفريدة، مستلهماً منه لا الدروس والعبر فقط، بل روح الثبات والمواجهة، الصبر، الإيمان، والقدرة على الحب .. لقد فقدنا كل شيء... ولم يتبقى لنا إلا الحب.... كتب والدي.. عندما أتذكر كل ما أقدمت عليه، أجد أن الحب كان دائماً هو الدافع.. هو المحرض.. حب الوطن، حب الإنسان، حب كل ما هو نبيل .. وحب الذات.. أن يحب الإنسان ذاته فهذا يعني أنه بالأضافة إلى قدرته على حب الأخرين، أن يعرف قيمة نفسه، قيمة ما منحه الله إياه من حرية القرار والإختيار، قيمة الروح، بالحفاظ على سموها والترفع بها عن كل ما هو عابر وغير جوهري. هكذا عاش والدي.. وهذا ما تعلمته منه.. قبل ثلاثين عاماً من اليوم كتبت له من موسكو، أطلب مشورته في رغبتي لدراسة الإخراج السينمائي، أجابني برسالة طويلة لا أزال أحتفظ بها حتى الآن.. كان يرى المستقبل واضحاً، وكما رآه واعداً لابنه الذي يعرفه جيداً، وقد أمضى طفولته شغوفاً بالكتابة والموسيقا والرسم، رآه أيضاً مستقبلاً شاقاً مليئاً بالتحديات، لأنه خبر أيضاً معنى أن يكون للإنسان في عالمنا مشروع ثقافي وإبداعي قد يتعارض لدرجة كبيرة مع التيار السائد، خصوصاً إذا كان المشروع مرتبطاً بالوطن الأم.. فلسطين. موقفه كان مشجعاً، وفي الوقت نفسه، مؤكداً على أنه يتوجب علي تحمل تبعات هذا القرار لأن الطريق لن يكون سهلاً.. المهم ألا تنسى من أنت.. ومن أين جئت.. وإلى أين تمضي ؟.. هذه كانت وصيته آنذاك، والتي بقي، رحمه الله، يرددها على مسامعي حتى أيامه الأخيرة.. أنا ابن يوسف الخطيب.. من فلسطين.. أمضي على الطريق الذي اخترته بملء إرادتي، لا أحيد عنه، يتراءى لي طيف والدي في كل خطوة.. أسمع كلماته.. أنفذ وصيته.. يحذوني الرجاء والأمل بأنه سيكون بانتظاري ، راضياً مرضياً، عندما أصل إلى النهاية .. باسل..
تفاصيل كتاب مريــــم
للمؤلف: باسل الخطيب - تليد الخطيب
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
الدار الناشرة: الهيئة العامة السورية للكتاب
باسل..
بقلم: سيناريو: باسل الخطيب - تليد الخطيب
ترجمة: إخــراج : باسل الخطيب
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 0
مرات الزيارة: 265
عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T
عرض جميع الكتب للمؤلف: باسل الخطيب - تليد الخطيب