المثل الشعبي في منطوقه الزبداني

للمؤلف: إبراهيم علاء الدين - التدقيق اللغوي والتراثي محمد خالد رمضان
مقدمة قيثار يصدح تحت أضواء النجوم اللامعة أوتاره الليل، وأنامله القمر يغرّد ألحانا متوهجة تذوب فيها الأيام، والليالي تنساب كقطرات الندى العاشقة في صباحات نيسان الهاربة مع خيوط الضوء المهاجرة نحو الشمس تمتطي جواد الزمن الهارب متدفقة في شرايين الذكريات العتيقة مختصرة الأيام، والسنين بصور متألقة تنمو كأزاهير البنفسج في ربيع مبكر متدلية كالقناديل المضيئة في كهوف وحدتنا. إنها بلدتي.... نهد بردى... بردى المدلل اللعوب المتدفق بفرح الطفولة، والحكايات. تتدلى من ذاكرتها سلال الخير، والمعرفة العابقة بسحر الماضي، وعذوبته تتسلق كرومها, وتنهب ما استطاعت من حمله من هذه السلال. ترتشف آذاننا خمر الحكايات العتيقة المتناثرة في بقايا ثنايا الزمن المتلاشي. لملمت ما استطعت حمله من هذه الحكايات هائما في أزقة المثل متقصيا أخباره. بدأت العمل بهذا الكتاب منذ فترة طويلة, فقمت بتسجيل ما سمعته من أمثال أطلقها العوام, وشعرت أنه يداعب ذاكرتي فحوّلت ذلك إلى عمل موجه من خلال حضور السهرات التي يؤمها المعمرين من أهالي البلدة, وكان من يتحدّث منهم بقضية, أو قصة مهما كان نوعها لابد أن يورد في حديثه أمثال عدّة دعما، وسندا لحجته مما زاد حماسي, ورغبتي في متابعة العمل لإنجاز ما بدأت به كيف لا، وبلدتي تحتضن أجمل، وأرق, وأعذب عناصر, ومفردات التراث الشعبي. وتلى ذلك قيامي بزيارات منتظمة إلى بعض كبار السن, والعارفين، والعارفات بفحوى, ودلائل الأمثال، ومعانيها, ولم يبخل أحدهم بما عرف، وحفظ من أمثال, وبعد أن انتهيت من جمع الأمثال استقدمت بعض المراجع الهامّة في علم الفلكلور، فشرحت المعنى العام للمثل، وزمن ضربه ثم أخرجت معاني الكلمات التي شعرت أنها غريبة عن العربية المتداولة, وكانت موسوعة العاميّة السورية للباحث ياسين عبد الرحيم من أهم البحوث النظرية, والمراجع التي أعانتني في عملي هذا, ولابد من ذكر الدور الهام للباحث والكاتب محمد خالد رمضان في مساعدتي لإنجاز هذا الكتاب، ودور بعض الأهالي, والأصدقاء في جمع, وتنقيح الأمثال التي وردت في الكتاب. وقد حاولت جاهدا أن يكون التصنيف الذي اعتمدته قد أعطى النتيجة المطلوبة في تقسيم, ودراسة الأمثال قدر ما استطعت. أتمنى أن تكون هذه المحاولة لإنجاز هذا الكتاب قد وضعت في مكانها، وأن أكون قد استطعت تقديم ما رأيته ممتعا، ومسليا مخضبا بالمعرفة, والأصالة, وأن أكون قد استطعت ردّ بعض ما منحتني إياه بلدتي الجميلة, وأهلها الطيبين, وأن ينال الكتاب على شيء من رضا, ومتعة قارئيه.