[color=blue]لا تحزن إن الله معنا ))
(( كلا إن معي ربي سيهدين ))
ما أجملهنا من عبارات و ما أروعهما من إستراحات للنفس
فمن خلال أحرفهما نستشعر بضياء الأمل و هو يقودنا الى طريق الحق و الصواب
لقد جعل الله سبحانه وتعالي خاتمة كل من وسوس له الشيطان بالإنتحار هي الجحيم و بئس المصير
لماذا ؟ كل هذا لأنه فقد الثقة ما بينه و بين ربّه و قد آيأس من رحمة الرحمن به و لهذا أقدم على هذه النهاية التي أخسرته الدنيا و الآخرة
و لكن عندما تقف بين يدي تلك الحروف حقيقةً ستشعر بأن أبواب السماء قد فتّحت لك لتلبي لك ما تريد و تشيل عنك هموماً حتى و إن كانت كالجبال وزنا
فلنتأمل هاتين الآيتين الكريمتين :
الأولى : كانت للحبيب المصطفى محمد عليه افضل الصلاة و السلام عندما تسدّدت بوجهه الشريف كل الطرق و قد ضاقت الدنيا أمامهم هو و الصديق أبو بكر رضي الله عنه و أرضاه فلمّا رأى و نظر الى وجه الصديق عرف من خلال عبارات وجهه الكريم بأن الخوف قد غلب عليه و إن الصديق كان أشد ما يخاف على النبي الكريم و ليس خوفا على نفسه الطاهرة
و لهذا قالها الحبيب المصطفى ليطمأن الصديق بأن معهم من هو خالق الخلق و حافظ العِباد هو الله عزّ و جل و بالفعل ما هي الا لحظات ليشيء الله أمرا كان مفعولا فقد حفظهم بحفظه و جعل من أضعف المخلوقات سندا لهم و هو في الغار . كل هذا لأن صلتهم بالله لم تنقطع مع الثقة التامة بنصر الله المحتوم لهم .
أما الآية الثانية : فقد كانت لكليم الله موسى عليه السلام عندما تراءا الجمعان و لم يعد امامه هو ومن آمن معه من بني إسرائيل سوى البحر و كان من خلفه فرعون و جيشه الجرّار هنا أُمتحن المؤمنين بصبرهم و ثباتهم على طاعة الله فقد زُرِع الخوف على قوم موسى و قال البعض ( ها قد مَسَكَ بنا فرعون و حاشيته ) عندها قال لهم موسى (( كلا إن معي ربي سيهدين )) عندها أوحى الله لموسى بأن (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66))
سبحان الله
كم نحن محتاجون في زمننا هذا الى إعدة الإتصال مع الله
و كم نحن محتاجون الى مثل هذه الثقة بالله
لا تحزن إن الله معنا، إذاً معنا الركن الذي لا يضام، والقوة التي لا ترام، والعزة التي لا تغلب، وما دام الله معنا فممن تخاف وممن تخشى وممن ترهب ؟ فهو القوي العزيز، وهم الضعفاء الأذلاء، ما دام الله معنا فلا تأسف على قلة من عدد، أو عوز من عتاد، أو فقر من مال، أو تخاذل من أنصار، إن الله معنا وكفى، معنا بحفظه ورعايته، بقوته وجبروته، بكفايته وعنايته، بدفاعه وبطشه، فلا تحزن إذا تلاها الخادم يهدد الناس بقوته سيده من ملوك الأرض فيخافون ويذعنون، فكيف برب الناس ملك الناس إله الناس، إن أعظم كلمة في الخطب وأشرف جملة في الكرب هي هذه الكلمة الصادقة الساطعة: لا تحزن إن الله معنا.
وسر هذه الكلمة في مدلولها وعظمتها في معناها يوم تذكر معية ـ الله عز وجل ـ وهو الذي بيده مقاليد الحكم، ورقاب العباد، ومقادير الخلق، وأرزق الكائنات، وهذه الكلمة في زمنها الذي قيلت فيه وفي جوها المخيف المرعب وفي مكانها المزلزل المذهل لها طعم آخر وقصة أخرى، لقد جاءت في لحظة طوق فيها على المعصوم وصاحبه في الغار، وأغلق الباب وأحاط الأعداء بكل جانب، وسلوا سيوف الموت، يريدون أشرف مهجة خلقت، وأزكى نفس وجدت، وأطهر روح خلقت، فما الحيلة ؟
الحيلة رفع ملف القضية وأوراق الفاجعة وسجل الكارثة إلى من على العرش استوى، ليقضي فيها بما يشاء، ولكن صاحب الرسالة ذا القلب المشرق الفياض أرسل لصاحبه أبي بكر رسالة رقيقة هادئة باسمه حانيه نصها: لا تحزن إن الله معنا، فصار الحزن سروراً والهم فرحاً، والغم راحة، والكرب فرجاً، والهزيمة نصراً عزيزاً.
ملتقى طلاب الجامعة... منتدى غير رسمي يهتم بطلاب جامعة دمشق وبهم يرتقي...
جميع الأفكار والآراء المطروحة في هذا الموقع تعبر عن كتّابها فقط مما يعفي الإدارة من أية مسؤولية WwW.Jamaa.Net