مختارات ولطائف
من أخلاق المسلمين...
* قدمت منهزمة الروم على هرقل ـ وهو بأنطاكية ـ فدعا رجالا من عظمائهم، فقال: ويحكم! أخبروني، ما هؤلاء الذين تقاتلونهم؟ أليس بشرا مثلكم؟
قالوا: بلى ـ يعني العرب المسلمين..
قال: فأنتم أكثر أم هم؟
قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافا في كل موطن.
قال: ويلكم! فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم؟
فسكتوا، فقال شيخ منهم:
أنا أخبرك أيها الملك، من أين تؤتون.
قال: أخبرني.
قال: إذا حملنا عليهم، صبروا، وإذا حملوا علينا، صدقوا ونحمل عليهم، فنكذب، ويحملون علينا، فلا نصبر.
قال: ويلكم فما بالكم كما تصفون، وهم كما تزعمون؟
قال الشيخ: ما كنت أراك إلا وقد علمت من أين هذا.
قال له: من أين هذا؟
قال: لأن القوم يصومون بالنهار، ويقومون بالليل، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ولا يظلمون ً، ويتناصفون
بينهم، ومن أجل أنَّا نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغصب، ونظلم، ونأمر بما يسخط الله، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض.
قال: صدقتني، والله لأخرجن من هذه القرية، فما لي في صحبتكم خير وأنتم هكذا.
قالوا: نشهدك الله -أيها الملك- تدع سورية وهي جنة الدنيا وحولك من الروم عدد الحصى والتراب ونجوم السماء، ولم يؤت عليهم( ).
***
فضل الجماعة...
* دعا يزيد بن المهلب ولده حبيبا ومن حضر من ولده، ودعا بسهام فحزمت، وقال: أفترونكم كاسريها مجتمعة؟
فقالوا: لا.
قال: أفترونكم كاسريها مفترقة؟
قالوا: نعم.
قال: هكذا الجماعة ( ).
***
معرفة الناس....
قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن فلانا رجل صدق.
قال: سافرت معه؟
قال: لا.
قال: فكانت بينك وبينه خصومة؟
قال: لا.
قال: فهل ائتمنته على شيء؟
قال: لا.
قال: فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه، ويخفضه في المسجد ( ).
***
المساجد...
* عن عمير بن المأمون، قال: سمعت الحسن بن علي يقول: من أدام الاختلاف إلى المساجد أصاب ثماني خصال:
آية محكمة، وأخا مستفادا، وعلما مستطرفا، ورحمة منتظرة، وكلمة تدله على هدى أو تردعه عن ردي، وترك الذنوب حياء أو خشية( ).
***
سوق الآخرة...
* رأى عطاء بن يسار رجلاً يبيع في المساجد، فدعاه، فقال: هذه سوق الآخرة، فإن أردت البيع؛ فاخرج إلى سوق الدنيا ( ).
***
التشوق إلى الجنة والعمل لها...
* قال رجاء بن حيوة: أمرني عمر بن عبد العزيز أن أشتري له ثوبا بستة دراهم، فأتيته به فجسه.
وقال: هو على ما أحب لولا أن فيه لينا.
قال: فبكيت.
وقال: فما يبكيك.
قال: أتيتك، وأنت أمير، بثوب بستمائة درهم، فجسسته، وقلت: هو على ما أحب لولا أن فيه خشونة، وأتيتك، وأنت أمير المؤمنين، بثوب بستة دراهم، فجسسته، وقلت: هو على ما أحب لولا أن فيه لينا.
فقال: يا رجاء، إن لي نفسًا تواقة، تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة، فأرجو أن أدركها، إن شاء الله ـ عز وجل ـ ( ).
***
أصناف أهل الجنة...
* روى ابن أبي حاتم بإسناده، عن بعض أصحاب معاذ بن جبل، قال: يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف:
المتقين، ثم الشاكرين، ثم الحالفين، ثم أصحاب اليمين.
قيل: لم سموا أصحاب اليمين.
قال: لأنهم عملوا الحسنات والسيئات، فأعطوا كتبهم بأيمانهم فقرءوا سيئاتهم حرفًا حرفًا، قالوا: يا ربنا هذه سيئاتنا فأين حسناتنا؟
فعند لك محا الله السيئات، وجعلها حسنات، فعند ذلك قالوا: هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ ( الحاقة: 19) فهم أكثر أهل الجنة ( ).
***
الرد على القول بخلق القرآن...
* قال ابن عطية: من الدليل على أن القرآن غير مخلوق: أن الله ـ تعالى ـ ذكر القرآن في كتابه العزيز في أربعة وخمسين موضعا ما فيها موضع صرح فيه بلفظ الخلق ولا أشار إليه، وذكر الإنسان على الثلث من ذلك في ثمانية عشر موضعا، كلها نصت على خلقه. وقد افترق ذكرهما على هذا في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ (الرحمن: 1 – 3) ( ).
***