جامعة دمشق
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
قسم علم الاجتماع
[color=blue]مخطط الحلقة
أولاً : المقدمة
ثانياً : مؤسسات التنشئة الاجتماعية
1- الأسرة
دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية
وظائف الأسرة في التنشئة الاجتماعية
العوامل الأسرية التي تؤثر في تشكيل شخصية الطفل
3- المدرسة
وظائف المدرسة
4- جماعة الرفاق
اثر جماعة الرفاق في عملية التنشئة الاجتماعية
5- دور العبادة
4- دور وسائل الإعلام في التنشئة الاجتماعية
ثالثاً : الخاتمة والرأي الشخصي
خامساً : المراجع
المقدمة..
التنشئة الاجتماعية للفرد عملية طويلة ومستمرة وأهمها على الإطلاق السنوات الأولى من عمر الطفل إذ تعد أهم مراحل تكوينه الجسمي و العقلي و النفسي و الاجتماعي بل هي سنوات تكوين شخصية ووضع أساسيات بناءه وغرس عاداته الاجتماعية والدينية لذا وجب تنشئته اجتماعيا ليصبح لبنه فعالة في المجتمع على المدى الطويل
تعتبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية أهم الوسائط الحتمية لعملية التنشئة حيث تتدخل في تكوين شخصيته وتشكيل حياته في مراحلها المبكرة
ونظرا لأهمية مؤسسات التنشئة الاجتماعية ودورها التكاملي في التنشئة الاجتماعية للطفل نعرض في بحثنا هذا أهم المؤسسات
ً1-الأسرة
دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية:
الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل . فهي محيطه الأول منذ إطلالته الأولى على هذا العالم . كان مولودا ضعيفا فهي تحميه وترعاه وتشبع حاجاته البيولوجية والنفسية وتتدرج معه في هذا الوضع إلى أن يصبح قادرا على التوافق مع مطالب المجتمع وقيمه , فهي الأداة الوحيدة تقريبا التي تمد الطفل بالمهارات والاتجاهات والقيم السائدة في مجتمعه , ومنها يستطيع تمييز الصواب عن الخطأ . ويرى بستالوزي أن " الأسرة هي مصدر كل تربية صحيحة يتأثر بها الطفل "
((والأسرة منظمة اجتماعية تتميز عن المنظمات الأخرى ببعض الخصائص التي تجعل منها نظاما اجتماعيا مستقلا ذات صفات فريدة ويمكن تلخيص أسباب احتفاظ الأسرة بدورها الرئيسي في التنشئة الاجتماعية للطفل فيما يلي :
1. أنها المؤسسة الأولى التي ينشأ فيها الطفل وهي التي تشكل طبيعته الاجتماعية وتشكل أفكاره وبناء شخصيته
2. أنها حجر الزاوية في البناء الاجتماعي فإذا صلحت الأسرة صلحت بقية النظم الاجتماعية في المجتمع
3. أنها المؤسسة الأولى التي تنقل للطفل الميراث الثقافي للمجتمع )) (الخولي ،1994, ص.236)
وللأسرة وظائف ديناميكية مهمة في تنشئة الطفل :
1. ((الوظيفة البيولوجية :
إذ تعد الأسرة خير التنظيمات لإنتاج الأطفال ووقايتهم ورعايتهم في فترة الطفولة الطويلة التي تتصف بالعجز و الاعتماد على الغير
2. الوظيفة الاجتماعية :
تسعى الأسرة إلى تنمية الطفل وتنشئته تنشئه اجتماعية سويه ويتسنى لها ذلك عن طريق التفاعل العائلي الذي يحدث داخل الأسرة حيث يلعب دورا كبيرا في تكوين شخصية الطفل وتوجيه سلوكه الاجتماعي حيث تعمل الأسرة على إكساب الطفل أساليب السلوك الاجتماعية التي ترشده في تصرفاته وسائر ظروف حياته .
3. الوظيفة النفسية :
وتسعى إلى ذلك الأسرة عن طريق تنمية الطفل نموا نفسيا سليما والارتقاء به إلى صحة نفسية سليمة و إشباع حاجاته ودوافعه الأساسية وتزويده بالحب و الحنان وإشعاره بالأمان ومساعدته على التكيف مع بيئته ومجتمعه على النحو المطلوب
4. الوظيفة الثقافية :
هو ما تقوم به الأسرة من تنشئة اجتماعية للطفل ودمجه مع الإطار الثقافي السائد في مجتمعه وتوريثه إياه توريث معتمداً حيث يكتسب من الأسرة لغته , عاداته, عقيدته والفكر السائد في مجتمعة , فينشأ في جو مليء بهذه الأفكار و المعتقدات و القيم فتتغلغل في نفسه وتصبح من مكونات شخصيته ))(الكندري, 1996, ص165)
العوامل الأسرية التي تؤثر في تشكيل شخصية الطفل
((هناك عوامل متعددة تلعب دورا كبيرا في تنشئة الطفل الاجتماعية داخل الأسرة من أهمها:
1. العلاقة بين الوالدين :
من أهم أسباب نجاح عملية التنشئة الاجتماعية سلامة البناء الأسري فقد أثبتت الدراسات إن الأسرة المتصدعة التي تسودها خلافات شديدة بين الوالدين غالبا ماتؤثر سلبا في سلوك الأبناء وتدفعهم إلى الانحراف وأثبتت الدراسات أيضا انه كلما كانت العلاقة بين الوالدين منسجمة كلما ساعد ذلك في إيجاد جو يساعد على نمو الطفل إلى شخصية كاملة ومتزنة .
2. العلاقة بين الوالدين والطفل :
يعد الجو العاطفي للأسرة الذي يسوده التقبل والتسامح والمودة والحب من أهم العوامل المؤثرة إيجابا في تكوين شخصية الأبناء وأثبتت الدراسات أن استخدام النمط الديمقراطي على سبيل المثال من قبل الوالدين في تربية أبنائهم يؤثر على التكيف الاجتماعي للأبناء حيث يصبحون أكثر ايجابية في التعامل مع الآخرين وأكثر ماظبه واعتمادية على النفس
3. مركز الطفل وتربيته في الأسرة :
يؤثر هذا العامل تأثيرا كبيرا حيث يتدخل في أسلوب تربية وتنشئته الاجتماعية .. فالطفل الأول غالبا ما يتمتع ببعض المزايا منها – السلطة – التي يمنحها الوالدين خاصة حال غيابهما عن المنزل ليمارسها على أخوته الأصغر سنا . والطفل الأصغر – ينال من الأبوين رعاية كبيرة واهتمام بالغ لأنه الأصغر والأضعف ويكون هذا الطفل عادة أكثر من بقية أخوته اعتمادا على الكبار حيث أن الكل يعامله باعتباره صغيرا مهما كبرا , أما بالنسبة للطفل الوحيد فهو مركز اهتمام الأبوين ورعايتهم على اعتباره أنه كل الأبناء))(فاطمة,2005,ص 214)
4((. جنس الأبناء :
تختلف معاملة الآباء للأبناء بحسب جنسهم حيث أن الآباء كانوا أكثر تسامحا وديمقراطية مع الأبناء الذكور منهم مع الإناث , كما إن الأمهات أكثر ضبطا وتسلطا مع الإناث منهم مع الذكور
5. حجم الأسرة :
حجم الأسرة له الأثر الأكبر في التنشئة الاجتماعية حيث أن هناك ارتباط موجب بين عدد الأبناء في الأسرة وميل الأمهات إلى استخدام العقاب والسيطرة المشددة في تنشئة أبنائهن , وتشير الدراسات أن الأمهات الأكثر أطفال أكثر ميلا لرفضهم وٍأقل حماية لهم
6. المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأسرة :
أكدت الدراسات أن هناك فروق منهجية واضحة في أساليب التنشئة الاجتماعية للطفولة تعود إلى الفروق في مستويات الوضع الاجتماعي , الاقتصادي و الثقافي للأسرة . وتؤكد الدراسات أن خروج الأم للعمل وغيابها المتكرر والطويل له أثر سيء على شخصية الطفل وسلوكه الاجتماعي لأنه يفقده الشعور بالأمن والطمأنينة ويورث فيه الشعور بالحيرة والقلق
• ومستوى تعليم الوالدين أيضا له أثر في تنشئة الطفل حيث أن الوالدين يميلان عن البعد , التشدد و العقاب البدين و الاتجاه نحو استخدام المناقشة و الأساليب العلمية الحديثة لكما ارتفع مستواهما التعليمي .))
((فاطمة,2005, ص 216) )
2- المدرسة
(انه مع تطور المجتمعات ظهرت الحاجة إلى المدرسة التي لم يقصد بإنشائها نقل وظيفة الأسرة إليها. وإنما أريد بها مقابلة تلك الاحتياجات الجديدة الناشئة عن تطور المجتمع وتقدمه باشتراك المدرسة والأسرة، من جانب أو من جوانب قد لا تستطيع الأسرة الوفاء بها في ظل إمكانياتها والتغيرات التي طرأت على المجتمع.
تشترك المدرسة مع غيرها من مؤسسات المجتمع في فعل التنشئة الاجتماعية، وهي أقرب إلى الأسرة والمؤسسة والمدرسة وغيرها من الوكالات الإعلامية. المدرسة هي واحدة من وكالات التنشئة الاجتماعية لكن الفرق بين المدرسة وغيرها من الوكالات أن المدرسة هي الوحيدة المتخصصة بالتنشئة أي ليس لها أدوار أخرى فهي تقتصر على التنشئة، وما يرتبط بها من اصطفاء.)( الأمين ،2005, ص77)
(هي أهم المنظمات الاجتماعية التي تعمل على تنشئة الطفل اجتماعيا بخطط وبرامج مقصودة، كما أن لها دورا في بيئة التعلم النفسية والاجتماعية، لها دور خطير في حياة الطلاب لأنها تحقق لهم عوامل النجاح والفشل. يهتم علماء النفس التعليمي بعمليات التعلم وتسهيله وتحسينه، وتنمية التفكير العلمي والابتكار والقدرات العقلية ولذلك يذكر" صلاح مراد" أن التعلم يهدف إلى اكتساب التلاميذ للمعرفة وتنمية المهارات في المجالات المختلفة، كما يهدف إلى تنمية أساليب التفكير العلمي والاستدلالي).( الديب،2003,ص481)
(وتتميز المدرسة كبقية المؤسسات الاجتماعية بالديناميكية والتفاعل وهي من أدلة ازدياد مرحلة التخصص والنواة.
يمكن اعتبارها نظاماً متخصصا في التنشئة يعمل بالرموز لما هو مكتوب، وهي من بين وكالات التنشئة الاجتماعية الأكثر تحديداً وذهنية وكثافة وتنظيما)( أحمد ، سليمان, 1976, ص80 )
يقول ويؤكد التربويون على أهمية التربية والتعليم المدرسي ودورهما الفاعل إذ هذا "بوتكن"يقول:« إن أمل الإنسانية في إنقاذ نفسها من مضادات المستقبل هو في التربية عن طريق التعلم..»
ويقول "زولتمان zoltman "1972 :« تعد المدرسة واحدة من أهم مؤسسات المجتمع التي ترتبط بموضوع التغير الاجتماعي لذا فإنه لا تكاد توجد مشكلة اجتماعية إلا وتمس المدرسة ».( حتاملة ,ص120)
(إن مهمة المدرسة الأولى أن تدرب الأطفال على الحياة التعاونية ذات المساعدة المتبادلة لتغذي فيهم الوعي بالاعتماد المتبادل وتساعدهم عمليا في خلق التوافق لتطبيق هذه الروح في أعمال ظاهرة.(78) وتهتم بالتراث الثقافي التعلم النشط في الحاضر للحياة، أو تهتم بتربية شخصية مرنة قادرة على التغيير والتكيف مع مواقف الحياة المتجددة و باستمرار.
ومن مهامها أيضا أنها تعمل على تسهيل عملية التعلم والتطور الشامل لكل طالبي العلم.
فإذا كان دور المنزل مهما في اكتساب الطفل الخبرات والمهارات اللغوية، فإن دور المدرسة ومهمتها لا تقل أهمية، حيث تعمل على تنمية المهارات لدى الناشئة من الطلاب، وذلك مع مراعاة الطرق الابتكارية الحديثة في عملية التعلم).
(منير ،1998, ص13 )
- وجمل جون ديوي مهام المدرسة في النقاط التالية :
1. تدريب الأطفال على الحياة التعاونية مما ينمي فيهم الوعي بضرورة الاعتماد المتبادل وتطبيق هذا ميدانيا في أعمال تجسد هذه الروح.
2. توجيه الرعاية في الاتجاهات الفطرية والى فعاليات الطفل وليس إلى المادة الخارجية.
3. تنظيم الميول الفردية والفعاليات وتوجيهها عن طريق استخدامها.( حديدي,1990, ص237 )
وظائف المدرسة:
إن وظيفة المدرسة في المجتمع تتسع من فلسفته وأهدافه، فان كان هدف التربية أساسا والأساسي في المجتمع هو " أنسنة الإنسان " أي جعله مخلوقا اجتماعيا وإنسانيا يعيش ضمن إطار اجتماعي فالمدرسة هي الإدارة وهي الواسطة لتحقيق ذلك الهدف.(( والمدرسة وظائف كثيرة انطلاقا من الاتجاهات الفكرية العديدة المتعلقة بدورها. ولها تأثيرها الواضح على الطفل في نواح كثيرة فهي تتولى:
1. بث وتعزيز القيم والآمال والمعتقدات، وأنواع المعلومات، وأساليب السلوك التي يتطلبها الأداء المناسب للوظيفة، وتنمية المهارات العلمية والتكتيكية اللازمة للإنتاج الكفء.
2. تبسيط التراث الثقافي في خبرات الكبار، وتقديمه في نظام تدريجي يتفق وقدرات الأفراد، وهكذا يتدرج الطفل في تعليمه من البسيط إلى المركب ومن السهل إلى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد.
3. تنمية شخصية الطفل من جميع جوانبها الجسدية والعقلية والفكرية والاجتماعية والاعتقادية والنفسية.
4. تعمل المدرسة على المساهمة في التنشئة الاجتماعية للطلاب، ونعني بهذا المجال التطبيع والتوافق والتكيف والتفاعل الاجتماعي لمقابلة احتياجاتهم ومساعدتهم على مواجهة مشكلاتهم.
5. إعداد النشئ للإسهام في كل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.
6. تعزيز لغة التواصل القومي بين جميع أفراد المجتمع وتحقيق الوحدة الثقافية عبر تحقيق التجانس في الأفكار والمعتقدات والتقاليد والتصورات السائدة في المجتمع الواحد.
7. تحقيق التربية النفسية والبدنية والأخلاقية والروحية والتربية الاجتماعية والدينية وتحقيق النمو المعرفي وأخيرا التربية المهنية.)) (وطفة, الشهاب,2004, ص-ص 34-37 )
3- جماعة الرفاق
تعبر جماعة الرفاق من الجماعة الاجتماعية التي تلعب دورا مؤثرا في عملية التنشئة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة وفي المدارس وخارجها فهي جماعة يشترك أعضائها في الثقافة مشتركة أو عامه وهي جماعة تقارب أعضاؤها غالبا في السن وقد تكون من فئات عمرية متباينة.
وللجماعة الرفاق نظام معياري أو سلوكي يفرض على الطفل مطالب معينة عندما يقوم بمختلف الأدوار، إلا أن تأثير الجماعة في أفرادها أكثر قوة وأعمق جذورا لاشتراكهم في مفاهيم عامة، ولموقف جماعة الرفاق قدرة على إنتاج ضغوط هائلة على الفرد وإجباره على إجراء أنشطة لا يستطيع القيام بها بمعزل عن جماعته، وقد يكون لهذه الأنشطة تأثيرات على تغيير سلوك الفرد.
((كما أنه لوحظ من خلال التجارب أن مدى تأثير الفرد بالصحبة هو أمر يتوقف على العلاقة بين الفرد و صحبته، وكلما ازدادت درجة هذه العلاقة ازداد مدى تمسك الفرد لما اصطلحت عليه الجماعة على أنماط سلوكية.
تتسع داخل جماعة الأقران دائرة الارتباطات الاجتماعية بين بعضهم البعض حيث تنمو ذاتية الفرد بصورة كبيرة، كما أن جماعة الأقران هذه يجب أن تنظر إليها على أنها جماعة غير رسمية كما يبدو ذلك في التراث الاجتماعي، ولا يمكن أن نعتبر جزاءاتها مبهمة وغير واضحة ذلك أن النسق الخاص بها هو نسق ثابت يمكن أن نطلق عليه اسم التنظيم الشبابي، بحيث يسعى أعضاء المنظمة الشبابية بقدر كبير من الرضا والسعادة نتيجة انضمامهم إليها حيث أنها تربطهم بتراثهم وثقافتهم التقليدية.
فمثلا يفيد الأقران الشاب المراهق بمبادئ سلوكية تتحكم فيه، فعن طريق تحرك المراهق وتشكله داخل جماعة الأقران نجد أنها ترسخ فيه مبادئها ومعاييرها السلوكية، فيستعد المراهق تدريجيا عن المعايير السلوكية للوالدين، في حين يلقى تدعيما وتعزيزاً لسلوكه من الأقران. وبذلك يرى دانفي 1993 أن:« داخل جماعة الأقران تعمل كموجهات لسلوك المراهق وتصبح مصدر تقييم عام لسلوكه ونشاطه»)) . ( إبراهيم ، سليمان,1998,ص232)
ومن الملاحظ أن اختيار المراهق لجماعة رفاقه يشعر بالولاء والإخلاص الشديد لها، والتحمس لكل مايهم الجماعة ويتعلق بها، يجتمعون ويناقشون شؤونهم ونشاطهم في حماس بالغ وتفاعل مستمر ونجد إن لكل جماعة معايير سلوكية خاصة وعادات وتقاليد تفرضها.
((وفي مرحلة الطفولة يؤكد "جون كونجر" kounjer أنه بدخول الطفل في المدرسة فإنه يواجه جماعتين تسهمان في تطبيعه اجتماعيا هما المعلمين والرفاق، وعند ذهاب الطفل للمدرسة سرعان ما يكتشف أن كثير من اشباعاته تعمد على انضمامه لجماعة الأقران وذلك من خلال اللعب الذي يمكن الطفل أن يتعلم كثيرا من جوانب الحياة الاجتماعية، ولتعلم الحقائق والمهارات والمفاهيم والمبادئ من خلال العديد من الأهداف المعرفية المتنوعة من تذكر وفهم وتطبيق وتحليل وتركيب وتقويم مما تتضمنه من استراتيجيات.)) (سليمان ، 2005, ص- ص 45-49. )
ـ ويلخص حامد زهران 1974 اثر جماعة الرفاق في عملية التنشئة الاجتماعية فيما يلي:
1. المساعدة في النمو الجسمي عن طريق إتاحة فرصة ممارسة الأنشطة الرياضية، والنمو العقلي عن طريق ممارسة الهوايات، والنمو الاجتماعي عن طريق المساعدة الانفعالية ونمو العلاقات العاطفية في مواقف لا تتاح في غيرها من الجماعات.
2. تكوين معايير اجتماعية وتنمية الحساسية والنقد نحو بعض المعايير الاجتماعية للسلوك.
3. القيام بأدوار اجتماعية جديدة مثل القيادة وتنمية الاتجاهات النفسية.
4. المساعدة على تحقيق الاستقلال الذاتي وتحقيق الذات والاعتماد على النفس.
5. إتاحة الفرص لتقليد سلوك الكبار وتحمل المسؤولية الاجتماعية.
6. إشباع حاجات الفرد إلى المكانة والانتماء.
7. إكمال الفجوات وملء الثغرات التي تتركها الأسرة والمدرسة في معلومات الطفل والمراهق خاصة في النواحي الجنسية.
وهكذا نجد للرفاق في مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة أهمية كبرى في توجيه الاتجاهات والميول وتحديد مسار سلوك الفرد وفقا لطبيعة تكوين هذه الجماعات، فقد يتعلم منها الفرد السلوك المنحرف، وقد تخلق منه شخصية مبدعة ايجابية ناجحة في حياتها.
4 ـ دور العبادة:
((تؤثر دور العبادة في عملية التنشئة الاجتماعية وتعلم الفرد التعاليم الدينية والمعايير السماوية التي تحكم السلوك بما يضمن سعادة الفرد والمجتمع، وإمداد الفرد بمعيار سلوكي معياري، وتنمية الضمير عنده والدعوة الى ترجمة التعاليم السماوية السيامية إلى سلوك عملي، وتوحيد السلوك الاجتماعي والتقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية.)) (الشرقاوي,1983, ص285)
ثمة دور كبير وخطير لأماكن العبادة في توجيه المسار التربوي في حياة الإنسان على مر التاريخ الطويل لظهور الأديان في بدائية، وإنسانية وسماوية. وأماكن العبادة شأنها شأن أي مؤسسة تربوية أخرى تؤثر في حياة الأفراد تأثيرا كبيرا إلى جانب تأثيرها العقائدي والأخلاقي.
فنجد المسجد والكتاتيب والزوايا والمدارس القرآنية والجمعيات الدينية كدعامة أساسية في الدين الإسلامي، والأديرة والكنائس في الديانة المسيحية، والمعابد والبيوت الخاصة عند الديانة الوثنية.
((تلعب المؤسسة الدينية دورا هاما في التنشئة الاجتماعية للفرد من حيث:
1) تعليم الفرد والجماعة التعاليم الدينية التي تحكم السلوك مما يؤدي إلى سعادة أفراد المجتمع.
2) إمداد الفرد بإطار سلوكي نابع من تعاليم دينه.
3) الدعوة إلى ترجمة التعاليم الدينية وغرس القيم الدينية .
4) تنمية الضمير عند الفرد والجماعة، وتوجيه السلوك الاجتماعي والتقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية.)) (المعايطة ، 2000,ص 83 )
(في الإسلام يأتي المسجد ليمثل الدعامة الأولى من دعامات المجتمع إذ يعد المؤسسة الاجتماعية الأولى بعد الأسرة في المجتمع الإسلامي، وظيفته هي صنع المسلم المتكامل البناء، في خلقه وسلوكه وعمله ومبادئه، إذ هو مركز إشعاع وتوجيه وتربية، وذلك بتقديم النصح والتوجيه للمسلمين لمواجهة ما يعترض حياتهم من مشكلات وقضايا.
وفي المسجد يمكن للفرد أن يتربى روحياً وإيمانياً وخلقياً واجتماعياً ونفسياً بممارسة العبادات التي تدخل مباشرة في تلبية حاجة الروح من الصلاة والذكر والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن)( زعيمي, 2002,ص- ص127-134)
(يقدم المسجد تربية إسلامية شاملة من تربية دينية وخلقية وعلمية وجسمية ونفسية توازن بين كل هذه النواحي، هذه التربية التي قد نجحت في تأديب النفس، وتصفية الروح والتسامح والعدل، وتثقيف العقل وتقويم الجسم.)
( دعبس,1996,ص 119)
يقول يوسف القرضاوي:« إن رسالة المسجد تكمن في كونه جامعة شعبية للتثقيف والتهذيب، وبرلمان دائم للتفاهم والتشاور، ومؤتمر عام للتعارف والتحاب، ومعهد للتربية العلمية »(القرضاوي, 1997,ص225 )
أما عن الأساليب التي تتبعها دور العبادة في عملية التنشئة الاجتماعية والدينية فهي الترغيب والترهيب والدعوة إلى السلوك ليس طمعاً في الثواب، والابتعاد عن السلوك المنحرف تجنباً للعقاب، والتكرار والإقناع والدعوة إلى المشاركة في تنمية المجتمع وعرض النماذج السلوكية المثالية والإرشاد العلمي.
5 ـ وسائل الإعلام
((يقصد بوسائل الإعلام هنا المؤسسات الأهلية، الحكومية والرسمية وغير الرسمية التي تنشر الثقافة تعرف الأفراد بالتراث قديمه وحديثه، وتعني بالنواحي التربوية كهدف لتكيف الفرد مع الجماعة المحلية إذ تعتبر عنصر أساسي من عناصر التنشئة، ومن هذه المؤسسات: الإذاعة والتلفزيون والصحف ودور السينما والمسارح.
الإعلام معناه فتح آفاق وتفتيح أذهان و إيقاظ أحاسيس وتأكيد انتماء المواطن إلى وطنه ومجتمعه وشده إلى قومه، فتشكل وسائل الإعلام الجماهيرية ولا سيما التلفزيون الذي يتصدر هاته الوسائل من حيث التأثير نظراً لأهميته البالغة لذلك أطلق عليه المرجع الثاني للأسرة نظراً للوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمامه، لأنه جهاز قادر على الترفيه والتثقيف في وقت واحد. ومن ثمة يؤثر في عقلية الطفل ووجدانه، ويعتبر أداة هامة للتعليم اذ ينقل الى الفرد المعارف والمعلومات.)) (عبد الله , ص 55 )
يقول فيه شايونchayon (1951) على التلفزيون:« أن أثره في التعليم الاجتماعي أنه أقصر الطرق في الوصول إلى عالم الكبار إنه المنفذ الذي يطل منه الطفل على عالم الكبار وهو الباب الخلفي السريع لذلك...»
( العيسوي ،2004,ص127)
((أثبتت مجموعة من الدراسات أن التلفزيون يوسع من مدارك الطفل ويفتح آفاق المعرفة أمامه ويخلق لديه الكثير من الاهتمامات ويستثير لديه الأفكار المتنوعة لديه، ويثري خياله ويجعل الروابط بين أفراد الأسرة.
كما تعتبر الإذاعة عصب الإعلام حيث اعتبرت إحدى الوسائل التعليمية ذات الأهمية الكبيرة باعتبارها وسيلة اقتصادية ولذلك فهي الوسيلة السمعية التي تعتمد على حاسة السمع.
والصحيفة لا تقل في رسالتها عن الأسرة والمدرسة، وهي المحكمة فالصحيفة من خلال موادها المبسطة والتي تنشرها تقدم للفرد أصول المعارف والصحة والآداب والفضيلة والأخلاق والإحساس بالمجتمع والحياة، تقوم بمهمة التعليم هدفها اجتماعي ووظيفة اجتماعية تسعى إلى خلق مجتمع متعارف .
وتأتي دور السينما التي تُكسب الأطفال القيم والتقاليد والعادات التي يعرضها الفيلم، ويزيد انفتاح عقلية الطفل وتفتح الآفاق أمامه وبإطلاعه على تطور العلوم والحياة في الأقطار الأخرى فالسينما ليست أداة للهو بل هي أداة فاعلة من أدوات تنميتهم عقليا وعاطفيا واجتماعيا وخلقيان ووسيلة من وسائل ثقافتهم وهي فن يسهم في تأصيل الكثير من المفاهيم والقيم.
وثم جماعات وحركات تتخذ لها التنشئة الاجتماعية كهدف معلن، كأندية المسنين والحركات الكشفية والمخيمات في الطفل ومراكز رعاية الأحداث والمنحرفين ومراكز رعاية المعوقين ومراكز رعاية المساجين أو إعادة التربية ومراكز رعاية اليتامى والمتشردين والنوادي الرياضية. وأخرى لا تنفع التنشئة الاجتماعية فيها كهدف بذاتها أو كهدف ظاهر للجماعة مثل حركات الشباب التي تتوجه نحو عمل طلابي أو اجتماعي أو سياسي.))
(الخطيب وآخرون,2001, ص 81 )
ارجو الاستفادة لكم
خلاصة:
ممَّا تجدر الإشارة إلى أن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً أساسياً في اكتساب الفرد جملة من المعايير والقيم والاتجاهات التي تحفل بها ثقافة المجتمع، ابتداء من مرحلة الطفولة مروراً بمرحلة المراهقة ،فمرحلة الرشد وصولا إلى مرحلة الشيخوخة، حيث أن لكل مرحلة تنشئة خاصة بها تختلف عن الأخرى ،وذلك بمساعدة الكثير من مؤسسات التنشئة الاجتماعية انطلاقاً من الأسرة والمدرسة، فالروضة وأماكن العبادة ،ووسائل الإعلام وغيرها.ولعل هذه المؤسسات مجتمعة مع بعضها تساعد على تدعيم ما تعلمه الفرد داخل الأسرة.
* تبدوا التنشئة الاجتماعية بأنها عملية مهمة بالنسبة للفرد والمجتمع حيث عن طريقها يكتسب الفرد ذاته الاجتماعية وينقل ثقافته من جيل إلى جيل، وبها يبني شخصيته ويكتسب أيضاً عملية التفاعل الاجتماعي داخل البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، وهي عملية تنظم التفاعل والتغير وبالتالي فهي عملية دينامية حيث تعمل على دفع الفرد إلى التفاعل مع أفراد عائلته من حيث الأخذ والعطاء. وهذه العملية حصرها علماء الاجتماع في مجال الأسرة أما التربويون فيدخلونها في نطاق المدرسة.
قائمة المراجع
1) إبراهيم ياسين الخطيب وآخرون ، أثر وسائل الإعلام على الطفل ، الأردن : الدار العلمية للنشر والتوزيع ، 2001
2) أحمد كمال أحمد ،عدلي سليمان ، المدرسة والمجتمع ، القاهرة : مكتبة الانجلو مصرية ،1976
3) أحمد محمد مبارك الكندري ، علم النفس الأسري ، ط2 ، الكويت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع ، 1996
4) جون ديوي ، المدرسة والمجتمع ، ترجمه أحمد حسن الرحيم ، لبنان : دار مكتبة الحياة للنشر والتوزيع ، 1978
5) حسن الشرقاوي ، نحو تربية إسلامية ، الإسكندرية : مؤسسة شباب الجامعة ،1983 .
6) خليل عبد الرحمان المعايطة ، علم النفس الاجتماعي ، الأردن : دار الفكر للنسر والتوزيع ، 2000
7) زياني دريد فاطمة " الأسرة والتنشئة الاجتماعية للطفل "مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية ،العدد13 ، باتنة :جامعة الحاج لخضر، ديسمبر2005
8) سناء الخولي ، الأسرة والحياة العائلية ، بيروت : دار النهضة العربية ، (ب.ت) ، ص.,1994,236 .
9) شحاتة سليمان محمد سليمان ، اتجاهات الأطفال نحو الذات والرفاق والروضة ، الإسكندرية : مركز الإسكندرية للكتاب ، 2005
10) عبد الرحمان العيسوي ، جنوح الشباب المعاصر ومشكلاته ، لبنان : منشورات الجبلي الحقوقية ، 2004
11) عدنان الأمين ، التنشئة الاجتماعية وتكوين الطباع ، المغرب : المركز الثقافي المغربي ،2005
12) علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب،علم اجتماع المدرسي، لبنان : مجمع المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2004
13) فؤاد عبد الله "تأثير برامج التلفزيون على السلوك العدواني عند الأطفال " مجلة التربية ، العدد 120
14) فيوليت فؤاد إبراهيم،عبد الرحمان سيد سليمان،دراسات في سيكولوجية النمو،القاهرة:مكتبة الزهراء للنشروالطباعةوالتوزيع 1998
15) محمد حديدي"النزعة الاجتماعية في فلسفة جون ديوي " ،مجلة العلوم الإنسانية ،العدد11 ،قسنطسنة:منشورات جامعة منتوري،جوان1990
16) محمد مصطفى الديب ، علم النفس الاجتماعي ، القاهرة : عالم الكتب للنشر والتوزيع ، 2003
17) محمد منير ، المدرسة والتمدرس ، القاهرة : عالم الكتب للنشر والتوزيع ، 1998
18) محمد يسرى إبراهيم دعبس ،التربية الأسرية ، ط2 ، الإسكندرية : سلسلة الأسرة التربوية ،1996
19) مراد زعيمي ، مؤسسات التنشئة الاجتماعية ، عنابة : منشورات جامعة باجي مختار ، 2002
20) موسى حتاملة " مدى فاعلية المدرسة في خدمة المجتمع الريفي " مجلة التربية ، العدد 119
21) يوسف القرضاوي ، العبادة في الإسلام ، ط5 ، بيروت : مؤسسة الرسالة للنشر والتوزيع ، 1977