[x]

"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"


..لمحة عن كليات جامعة دمشق و فروعها... شاركنا تجربتك وكلمنا عن اختصاصك



المحـاضـرات
برنـامج الـدوام
برنـامج الامتحــان
النتـائج الامتحـانيـة
أسـئلة دورات
أفكـار ومشــاريع
حلقــات بحـث
مشــاريع تخـرّج
"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"
كلية الاقتصاد

مشاريع وأعمال حالية.. وإعلانات
عريضة لعميد كلية الاقتصاد ليتم اعادة مواد يومي 27-28
برنامج امتحان الدورة التكميلية للاقتصاد
برنامج التكميلي للاقتصاد ..مع شروط التقدم
الغاء حلقة البحث لمادة منهجية البحث (سنة تالتة محاسبة)
* محاضرات التحليل الكلي للسنة الثانية اقتصاد *
مشروع كتابة محاضرات الفصل الثاني..كلية الاقتصاد
برنامج الدوام للسنة الثانية (اقتصاد)
برنامج الدوام سنة ثالثة(اقتصاد اختصاص محاسبة)
لتحقيق التواصل بيننا وبين دكاترة الكلية او احد المسوولين
بكل الود والمحبة.., نقدم جزيل الشكر والعرفان.. للمتميزين من طلاب كلية الاقتصاد
مواضيع مميزة..




...{مواضع ننصح بزيارتها}... : اخبار الفصل الثاني / سنة ثانية |\economic/| أخبار الدوام للفصل الثاني يوم بيوم (سنة 3 / محاسبة ) . |\economic/| مشروع كتابة محاضرات الفصل الثاني.... سنة ثانية اقتصاد2 |\economic/| إعلان هام جداً جداً حول التصحيح الامتحان لطلاب كلية الاقتصاد جامعة دمشق (الرجاء الانتباه) |\economic/| سنة تالتة اون لاين |\economic/|

العضو المميز .:. LAMA*.:.

TvQuran

  ملتقى طلاب جامعة دمشق --> كلية الاقتصاد --> الأقسام العامة كلية الاقتصاد --> الاخبار الاقتصادية والعلمية
    التعويم: كيُّ الداء أم بتر الاقتصاد؟
عنوان البريد :  
كلمة المرور :  
                    تسجيل جـديد


.التعويم: كيُّ الداء أم بتر الاقتصاد؟


عبدالله

عضــو فضـي

{رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}




مسجل منذ: 24-07-2007
عدد المشاركات: 1206
تقييمات العضو: 129
المتابعون: 13

غير موجود
اشــترك بالتحديثات
رسالة مستعجلة

التعويم: كيُّ الداء أم بتر الاقتصاد؟

26-01-2012 05:59 PM




أسعار الليرة تخضع لقاعدة العرض والطلب، إنِّها آخر الحلول التي اتَّجه إليها مصرف سورية المركزي، بعد سلسلة من القرارات النقدية التي انعكست سلباً على عملتنا الوطنية.. ولأنَّ آخر العلاج الكي، اتُّخذ القرار في السبع بحرات، حيث لا مفرَّ من تعويم مُدارٍ.. بعضهم رحَّب بقرار صانع السياسات النقدية، الدكتور أديب ميالة، حاكم مصرف سورية المركزي،
على اعتبار أنَّه الأكثر دراية بواقع الكتلة النقدية، والاحتياطات، وكيف تُدار.. وآخرون اعتبروه إيذاناً بزيادة معدلات التضخُّم، ودخولها إلى أسواقنا من أوسع الأبواب، ليبشِّروا المواطن بأنَّ قوة عملته الشرائية إلى مزيد من الانهيار، لاسيما بعد أن استشهد الحاكم بالأزمة الألمانية، حين انهار “المارك”، وعندها أصبحت النساء يذهبن إلى السوق بسلاتٍ يحملن فيها النقود، بل أصبحت النساء يتدفَّأن بفئات الماركات الصغيرة، لأنَّها لا تشتري ما يعادلها من الفحم الحجري..  إنذارات من العيار الثقيل وجَّهها الحاكم، ويرى بعضهم أنَّ المنطق الليبرالي يحكم الأداء، حتى في أزمات العملة الوطنية، ويذهب خبراء إلى الحكم على التطبيق في الألفاظ، مؤكِّدين أنَّ ما يحدث على أرض الواقع ليس تعويماً، فشروطه غير مستوفاة. ويبدو أنَّ ما علينا إلا شدّ الأحزمة، ففي النتيجة المواطن هو الذي سيدفع ثمن تراجع عملتنا، التي من أبرز أسباب انخفاضها زيادة العرض عليها، وشراء الدولار، ليكون القادم أعظم، بحسب خبراء النقد والاقتصاد.


بين التعويم والإغراق

التعويم بمثابة نحر لعملة بلد يشكو من أزمة سياسية، واقتصاد يخضع لعقوبات صارمة، نتج عنها فقدان التدفُّقات الخارجية بالعملات الصعبة، ونقص في الموارد؛ بسبب إيقاف تصدير النفط، إضافة إلى تراجع، بل ركود اقتصادي، مُصاحب لعجز الميزانية، يعادل نحو 20 % من الناتج المحلي، فضلاً عن تضخُّم حادّ في الأسعار.. “إنه نحر لا يُقدِم عليه مَن يملك أيَّ حكمة”، كلام للخبير الاقتصادي الدكتور نادر الغنيمي، مضيفاً أنه من بين الأشياء التي يجب الحذر من اللغو فيها، الكلام عن عملة بلد ما. وفي الآونة الأخيرة، كثر الخوض في تعويم العملة السورية، ويشير من باب توضيح أبجديات التعويم إلى أنَّ: التعويم floating، معناه جعل الشيء يطفو. أما التعويم في الحالة السورية، فهو يستحقُّ كلمة إغراق drowning، والآن نُفاجأ بسماع عدة محطات تتكلَّم عن تعويم العملة السورية، ولمّا أردنا التأكُّد، اتَّضح أنَّ مصدر ذلك اللغط، حيث صدر في جريدة “فاينيشال تايمز” مقابلة مع السيد ميالة، ذكر فيها أنَّ سورية تتبع سياسة التعويم الجزئي.

«لا كليّ ولا جزئيّ»..

استكمالاً للتوضيح، يتساءل الغنيمي: هل صحيح أنَّ ما حدث في سورية هو تعويم، وهل هو تعويم جزئي، بل هل يمتُّ للتعويم بصلة؟!.. ويجيب: “يُقصد بالتعويم تحويل العملة إلى سلعة تخضع، كأيِّ سلعة، إلى عوامل العرض والطلب في تحديد  سعرها، وهذا يستوجب أن تكون العملة قابلة للتحويل إلى العملات الأخرى التي سيتمُّ تسعيرها, ومعنى ذلك ألا يكون هناك أيُّ عائق في وجه شراء العملة، أو بيعها، مقابل أيِّ عملة أخرى, فهل تحقَّق الشرط هذا في الليرة السورية؟!.. وفي إشارة منه إلى قرار رئاسة مجلس الوزراء، القاضي بالسماح ببيع القطع الأجنبي من قبل البنوك، بحسب تسعيرة خاصة. يتساءل الغنيمي: هل سمح القرار الأخير لمجلس الوزراء، بعد أن أفرغه السيد ميالة من مضمونه، بالتداول الحرّ لليرة السورية؟.. مَن يقرأ التعليمات التنفيذية، يرى أنَّ القرار سمح بشكل حرٍّ فقط لمَن يملك عملة صعبة أن يحوِّلها إلى الليرة السورية بسعر أكثر عدلاً من السعر الرسمي السابق، لكنه وضع عوائق عديدة أمام مَن يريد شراء العملة الصعبة، ومنع استخدام البنوك للعملة المشتراة في تمويل الاستيراد.  إذاً أول شرط من شروط التعويم لم يتحقَّق، وهو حرية البيع والشراء. ويضيف متسائلاً: كيف يتمُّ تقييم أي عملة بعد التعويم؟، مستشهداً بحادثة أمريكية الصنع، منذ 1971، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك (نيكسون) عن خروج أمريكا من معيار الذهب، الذي بموجبه تتعهَّد أمريكا بإعطاء أونصة ذهب مقابل كل 35 دولاراً، وأصبحت العملة الأمريكية من العملات الورقية بقوة القانون، حيث تحوَّلت إلى سلعة يتمُّ تقييمها وفقاً لقوة الاقتصاد الأمريكي، وتدّفقات الأموال إليه، والميزان التجاري، وحجم العجز، أو الفائض في ميزانية الحكومة الأمريكية، إضافة إلى الاستقرار السياسي، وحاجة العالم إلى العملة الأمريكية التي يتمُّ تسعير الكثير من السلع الضرورية بها، خاصة البترول. ويضاف إلى ذلك في الدول الأخرى حجم الاحتياطي من العملات الصعبة، ولتقريب الفكرة، يشير الغنيمي، إلى أنَّه يمكن اعتبار مَن يشتري دولاراً بأنه يشتري سهماً في شركة كبرى، يتوقَّف على أدائها قيمة السهم، وهذا هو أقرب وصف للتعويم.. أما التعويم الجزئي، الذي نختلف مع السيد ميالة عليه، لأنَّه تمَّ تطبيقه حالياً، ونتوقَّع أن يتسبَّب هذا اللغط في المستقبل بالمزيد من هبوط الليرة السورية، فهو أن يتمَّ السماح بالبيع والشراء الحر، لكن ضمن مجال محدد بين سعرين؛ أحدهما هو الحد الأدنى الذي تسمح به الدولة، قبل أن يتدخَّل بنكها المركزي واقعياً، وليس لفظياً، في السوق، لمنع هبوط سعر العملة، وذلك بشراء العملة مقابل العملات الصعبة، وكذلك وضع حدٍّ أعلى لا تتجاوزه العملة، لأنَّ العملة القوية تضرُّ أيضاً بالاقتصاد، خاصةً في حالة الركود. ويؤكِّد الغنيمي أنَّ ما حدث ليس تعويماً جزيئاً، ولا كلياً.

موزاييك الصرف

وقبل انتشار خبر التعويم، كما بعده، “فموزاييك” سعر الصرف يمكن أن نلحظه بشكلٍ حاد، حيث يشير الغنيمي إلى أنَّه: بعد جولة ميدانية في الأسواق، أبرز ما تحمله سمات الصرف هو الفوضى، فالسعر الرسمي للدولار 57،91 ليرة، والسعر الرسمي الآخر (عن طريق الذهب) 66.5 ليرة، وسعر شركات الصرافة والبنوك ما بين 65 إلى 66.5 للشراء، ولا يوجد بيع، وسعر السوق السوداء 68.5 شراء، و70 ليرة للبيع.

وراء ميالة وأمامه

الحلول الاقتصادية للمشكلة لن تُحدِث تغييراً، ولن تؤدِّي إلى ما هو مطلوب، لأنَّ الحلَّ يجب أن يُنظر إليه ضمن كلِّ ما تعيشه البلاد من ظروفٍ سياسية، ومن هذا المنظور فإنِّ ما يقوم به المركزي من استخدام للأدوات النقدية، صحيح، طالما أنَّه أخرجنا بأقل الخسائر، والتعويم جزء من ذلك، حيث يقول الباحث الاقتصادي، جوزيف ميخائيل: “نريد أن ننظر إلى تعويم العملة في مجال الأزمة السياسية، والاقتصادية، حيث لا يجوز، في ظلِّ الظروف الراهنة، معالجة المشكلة الاقتصادية مع إهمال باقي الجوانب، ومن الضرورة بمكان الوقوف خلف حاكم مصرف سورية المركزي، لأنَّه يملك المعلومة حول حجم النقد المتداول، والاحتياطي، لذلك هو الأقدر على اتخاذ القرار، بإشراف مجلس النقد والتسليف، ومن الصعب إدلاء رأي حيادي، في ظل الأزمة، فأيُّ رأي يمكن أن يكون إساءة إلى استقرار سعر الليرة، وبالتالي علينا ترك الخيارات للحاكم، وترك الأدوات له، لاستقرار سعر الصرف.. ويضرب ميخائيل مثالاً حال العملة الإيرانية، التي هبطت خلال أيام بين 30 إلى 40 %، ففي ظلِّ أزمة سياسية اقتصادية، وحصار اقتصادي، وعقوبات، أعتقد أنَّ السياسات النقدية مقبولة، وحافظت على سعر جيد. وأهم ما يركِّز عليه ميخائيل، أنَّه لا يمكن حلُّ الأزمة السياسية بحلول اقتصادية، فيجب أن نكون جريئين، ونحمي الليرة.

مركزي مستقل

المركزي، الذي يرسم السياسات النقدية، التي تعود إيجاباً أو سلباً على مجمل الحركة الاقتصادية في البلد، ليس مستقلاً في قراراته، وهذا سبب إضافي يراه ميخائيل عائقاً في وجه اتخاذ القرار. يقول: “لو أنَّ الموضوع يعود إلى الحاكم، كان الأمر أسلم، فقرارات النقد منوطة بمجلس النقد والتسليف، والحاكم لا يستطيع فرض السياسة النقدية، ولا يوجد حرية في أدوات المركزي، حيث يتمُّ الإشراف عليها من قبل وزارة الاقتصاد، وهناك خلل بنيوي.
وبالعودة إلى الموضوع الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، خلال الأيام القليلة الماضية، يشير ميخائيل إلى أنَّ التعويم الموجَّه جيّدٌ للاقتصاد في مجال سعر صرف العملة، وفي السوق الحرة يتدخَّل المركزي، لكن في حدود معينة، فالتعويم الموجَّه مفيد، ومرونة سعر الصرف وتغيّره أمر جيد للاقتصاد، ليتأقلم مع الصادرات والواردات، والانتقال من الصرف الثابت، الذي يكلِّف خزينة الدولة كثيراً، خاصة إذا سُمِح للبنوك وشركات الصرافة بالبيع بسعر غير محدد، ويجب أن يكون هناك هامش مرن للعملة.
والنتيجة التي يصل إليها ميخائيل، أنَّنا لم نكن لنصمد لولا القوة الاقتصادية، والسياسات الجيدة، لذلك خرجنا بأقل الخسائر، واقتصاد اليوم يجب أن يتحدَّث في السياسة، فالمشكلة سياسية بامتياز، فمثلاً ارتفاع الدولار سببه الأخبار السياسية، لذلك لا أستطيع أن أعلِّق سعر الصرف على السياسة النقدية، لأنَّها تحكم النقد في البلد، على المدى الطويل. وينهي ميخائيل بالتأكيد على أنَّ قرار التعويم يخفِّف الخسائر، ويحمي الليرة والاقتصاد.


تضخُّم موجه

القرار الذي يراه ميخائيل حامياً لليرة والاقتصاد، يرى فيه آخرون أقصر طريق إلى التضخُّم، وإفراغ جيوب المواطن، وإضعاف قوته الشرائية، كما أنَّه علاج بالكي، نصل إليه بعد خسارة كل أدواتنا النقدية. يقول الخبير المالي، الدكتور سليمان موصللي: “التعويم هو الخيار النهائي للدول، التي تواجه أزمات ضخمة، وله آثار سلبية كبيرة، أبرزها ارتفاع الأسعار، لأنَّ الواردات سيتم تمويلها بسعر صرف حر مرتفع من البنوك، أو شركات الصرافة، ما سيؤدِّي حكماً إلى ارتفاع في الأسعار”. ويرى موصللي، أنَّ التعويم هو آخر العلاج، لأنَّ المركزي إذا استمرَّ في الدفاع، سينخفض الاحتياطي إلى حدود كبيرة.

أسئلة مشروعة

لكن هناك إشارات استفهام عديدة يضعها موصللي على التسرُّع في القرارات. يقول: “المستغرب أنَّ قرارات المركزي برفع أسعار الفائدة، لم يتبيَّن أثرها بعد. حيث سعر الفائدة للحفاظ على سعر الصرف لم تتّضح نتائجه إلى الآن، فلماذا اتُّخذ قرار التعويم؟. وكونه اتُّخذ سريعاً لم يكن هناك مِن داعٍ لرفع الفوائد، فهذا القرار أفُرغ من محتواه، وإذا كان المركزي يعتقد أن لا جدوى منه فلماذا اتّخذه؟.
ورغم أنَّه يرى أنَّ الاستمرار في الصرف من الاحتياطي خاطئ، بسبب انخفاضه الكبير، إلا أنَّ الموصللي يرى أيضاً في التعويم خطراً كبيراً يدقُّ أجراسه على أبواب الاقتصاد الوطني، ومن نتائجه الحتمية ارتفاع أسعار وتضخُّم، وهذا قادم لا محالة، والسؤال الأهم: كيف سيحتمَّل المواطن كلَّ ذلك؟.
أمَّا لماذا تأخَّروا في قرار التعويم، وإن كان هو أهم الحلول التي يراها بعض الخبراء، ولماذا الانتظار حتى يصل سعر الدولار إلى 70 ليرة في السوق السوداء، فيجيب موصللي: “كان هناك أمل، لذلك حاولوا الاستعانة بالإجراءات البسيطة، لكن في الوقت ذاته هناك تسرُّع في الانتقال من قرار إلى آخر”.
أما تدخُّل المركزي في التعويم، فيشير موصللي إلى أنَّه سيكون في فترات متباعدة، لأنَّه إذا كان سيتدخَّل مرات عديدة فإنَّ هذا تعويم لن يعود مُداراً.
ورغم ما رآه ميخائيل؛ أنَّ سعر الصرف المرن ملائم للاقتصاد، إلا أنَّ موصللي يرى أنَّ مرونة العملة تلائم الاقتصادات القوية المرنة، وليست الضعيفة المستوردة المتأثِّرة، وليست المُؤثِّرة.. فالمرونة تتطلَّب التوقُّف عن الاستيراد، لكننا لا نمتلك اتخاذ هذا القرار، فقرار التعويم سيكون قاصماً لظهر المواطن، والخوف من سلوك المستوردين.
وحول المُتاح أمام حاكم المصرف من خيارات، يشير الموصللي إلى أنَّ الدكتور أديب ميالة في وضع لا يُحسد عليه، فالخيارات النقدية محدودة، والاقتصادية أيضاً، مضيفاً: “لا ألومه على قرار التعويم، لكنَّه يُلام على القرارات التي سبقت التعويم”.

 
دهاليز الكتلة النقدية

هناك مَن يرى أنَّ الخلل يكمن في استخدام الأدوات النقدية للفترة الحالية. في المقابل أيضاً، هناك مَن يضع يده على جراح النقد السوري، ومعادلته غير الصحيحة. يقول الباحث الاقتصادي، الدكتور قدري جميل: من خلال الكتلة النقدية تتحدَّد السياسات، ويتحدَّد مقدار التضخُّم، وطريقة تعامل الليرة السيادية تجاه العملات الأخرى، والتسعير، وإذا كانت الليرة قوية لا مشكلة في التعويم، لكن السؤال: كيف تكون الليرة قوية؟.. الجواب الذي يؤكِّده جميل يكمن في معادلة رياضية، هي أساس السياسات النقدية: “معادلة النقد في التداول لها علاقة بحجم الكتلة السلعية، فالمعادلة بسيطة ولكن لا يتمُّ العمل فيها، وهي أنَّ كتلة النقد في التداول تساوي مجموع البضائع المنتجة، مقسَّمة على عدد دورات النقد، فكمية البضائع المُنتجة في فترة معينة يتمُّ تقسيمها على عدد دورات النقد، ويكون الناتج عبارة عن كتلة النقد”، مضيفاً: “المشكلة أنَّ البضائع المُنتجة غير معروفة، لأنَّ حسابها يتمُّ على أساس النظرية النقدية، وليس وفق نظرية القيمة، حيث يتمُّ احتساب أنَّ كلّ دخل هو دخل، وبالتالي يدخل فيها الإنتاج الصناعي، والزراعي، وكذلك الخدمات، من عقارات وتأمين وغيرها، وهي من فروع الاقتصاد غير الحقيقي، حيث لا تنتج قيمة مضافة، بل أرباح، وبالتالي، هو عبارة عن إعادة توزيع للقيمة المضافة في قطاعات الإنتاج الحقيقي، ومن خلال هذه الطريقة في الحساب يتمُّ تضخيم البضائع، ما ينعكس تضخيماً على الكتلة النقدية، وتكون غير حقيقية”..

ليبرالية النقد

دائماً نعود إلى التوجُّه الليبرالي، الذي حكم، خلال السنوات القليلة الماضية، سياستنا الاقتصادية، وعنده يكمن الخطأ، في رأي الخبير الاقتصادي. يقول: “المشكلة أنَّه في السنوات الخمس الماضية، وخلال السياسات الليبرالية، كان الاعتماد، من خلال النظرية النقدية، على أنَّ المال يجلب مالاً، والثروة تجلب ثروة، ومصدر الثروة هو المال. بينما نظرية القيمة تقول، إنَّ العمل هو مصدر الثروة، والقيمة الحقيقية هي الإنتاج، وبالتالي انتقل مركز ثقل الاقتصاد السوري من القطاعات الحقيقية الإنتاجية، إلى قطاعات أخرى غير حقيقية، وبذلك تغيَّر التوازن بين القطاعين، حيث تراجع قطاع الاقتصاد الحقيقي، وانخفضت الكتلة السلعية مع استمرار ضخّ كتلة نقدية لا نعرف كيفية حسابها، وهذا سؤال كبير يجب أن يجيب عنه المركزي: على أيِّ أساس يتمُّ احتسابها، وما هي؟.. كلّ مواطن يدفعها من جيبه، وهي غير معروفة، ويضع جميل السؤال في رسم المركزي للإجابة.
أما عن الضرورات التي تستوجب تحديد هذه الكتلة، فيشير جميل إلى أنَّ الدافع الأول الذي يحدِّد كتلة النقد في التداول، هو مدى عجز الموازنة، حيث تتحوَّل إلى دين عام على الدولة، وأيضاً عند الأزمات في السوق تخفُّ قوة الليرة السورية، فتتمُّ زيادة الكتلة النقدية في السوق، لكن هذا لا يتمّ وفق دراسة وحساب دقيق، إنما بشكل عشوائي.


ضريبة من الفقراء

من إيجابيات ضبط كتلة النقد مع كتلة السلع، أنَّه يؤدِّي إلى تضخم قيمته صفر. ويضرب جميل مثالاً على أنَّه في الغرب، حساب الناتج المحلي الإجمالي الذي يدفع إلى تضخيم الكتلة السلعية مقصود تماماً للحفاظ على مستوى التضخم، لأنَّه يعدُّ إعادة توزيع للثروة بين الأجور والأرباح، لمصلحة الأرباح، لذلك من يقول إنَّ التضخم ضريبة يدفعها الفقراء للأغنياء محق.
إذاً، السؤال الذي يطرح نفسه بعد غياب العوامل التي يمكن أن تقوّي الليرة: ما هو حال عملتنا اليوم؟. يجيبنا الباحث الاقتصادي: من الناحية المنهجية هامش المناعة لليرة السورية في السياسات الليبرالية انخفض إلى الصفر، وما إن نشأت الأزمة السياسية حتى خاف أصحاب الرساميل الكبيرة السورية من التداعيات، وأخرجوا الليرة السورية، لتحويلها إلى دولار، ما أدَّى إلى زيادة الطلب على الدولار وعرض لليرة كبير، وبالتالي انخفضت الليرة. وبما أنَّ جميل يشير في كلامه وبشكلٍ صريح إلى الفاسدين الكبار وأصحاب المليارات، يعود للتأكيد على ضرورة اجتثاث الفساد، حيث أصبح ضرورة وطنية، ووجودهم ضرر للأمن الوطني.
ولأنَّ أحوالنا ليست بخير، فالتعويم في وجهة نظر جميل ليس حلاً، لأنَّه يجب أن يكون لدينا الكتلة الأساسية من الليرات السورية، حتى تتمّ حمايتها عندما تُعوَّم، وقسم مهم من العملة الوطنية في الخارج، وبالتالي لا يستطيع المركزي أن يدافع عنها، وستهبط، ويصل سعر الدولار إلى 100 ليرة.
ويشير جميل، إلى أنَّ الاحتياطي الدولاري سينخفض، كوننا ندافع عن الليرة، ونضخُّ من الاحتياطي، الذي تكوَّن عبر جيلين من السوريين، ولكنه اليوم يتبخر. هذا قرشنا الأبيض ليومنا الأسود، ليس من الخطأ استخدامه، لكن بشكل صحيح، حيث إنَّه استُخدم عبر المزادات بشكل ريعي، وغير صحيح، وأعطوا القطع الأجنبي للصيارفة بشكل غير صحيح وغير شفاف.
أما الحل العاجل حالياً، فالتاريخ يعيد نفسه، ومنه يمكن اكتشاف الأدوات، حيث يشير جميل إلى ضرورة العودة إلى السياسة ذاتها في السبعينات والثمانينات أثناء الحصار، حيث كان هناك سعران للدولار: سعر مدعوم للسلع الاستراتيجية ذات الاستهلاك الشعبي العام، ويعوّل جميل على دور كبير للدولة في الاستيراد بسعر مدعوم.. أمَّا الدولار الآخر فللسوق، وبالتالي يؤكِّد جميل أنَّه لا بدَّ من سياسة تفضيلية في سعر الدولار.. الدولة تدعم من الاحتياطي للسلع الاستهلاكية، هذا يسمَّى “أمان اقتصادي، واجتماعي، واستراتيجي” وتحدّد قائمة السلع الاستراتيجية، ويمكن أن تؤمّنها هي في السوق، أو أن تعطى للتجار بشكل واضح، ويمكن أن يتّحد السعران بحكم الأمر الواقع، إذا دُعِم الإنتاج السوري، وإذا تحدَّدت الكتلة النقدية
.

“على كف عفريت”

قسم آخر من الخبراء يتحدَّث عن التعويم نظرياً، من منطق ميزان المدفوعات للبلاد، وإمكانية تحقيق المراد منه، لكن كلّ ذلك مشروط ومقيّد بجملة من التفاصيل. يقول الخبير المصرفي، الدكتور خالد الزامل: “لدينا تعقيد في مشكلات التمويل على المستوى الداخلي والخارجي، بسبب انحسار إمكانات موارد التمويل الذاتي بصفة خاصة، والتمويل الداخلي بصفة عامة، وبالتالي آلية سعر الصرف تعدُّ عنصر القطب في الفكر المالي الحديث، نظراً إلى ما تكتسبه من أهمية بالغة في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات للبلاد، والتي تتميَّز بوجود عجز هيكلي مزمن، تبعاً للسياسات الاقتصادية الكلية في مجال التنمية المتبعة، حيث ينظر إلى حركة رأس المال الأجنبي كمحرك أساسي في عملية تمويل الاستثمارات، وكذلك الاستهلاك الخاص في قطاع العائلات، والمشاريع، وقد أصبحت أنظمة أسعار الصرف المتعارف عليها، كسعر الصرف العائم والثابت، عاجزة عن إيجاد فعالية التوازن في ميزان المدفوعات. وبالنظر إلى سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية غير المتوازنة، لا بدَّ من التحكُّم في “ميكانيزم” أسعار الصرف، لإيجاد حلول ناجحة لعملية التنمية.
وتعدُّ التجارة الخارجية مجالاً ذا بعدين، فالبلد يصدِّر ويستورد، ونتيجة لذلك يظهر تياران من التدفُّقات؛ أحدهما سلعي، والآخر خدمي، ويعدَّان المصدر الرئيس للعرض والطلب على العملات الأجنبية؛ بهدف تسوية المدفوعات الدولية، وهنا تظهر أمامنا مسألة: معرفة سياسة تحديد سعر الصرف التي تتلاءم مع الظروف الموضوعية للاقتصاد الوطني، ولحماية الاقتصاد المحلي من تقلّبات أسعار الصرف والمحافظة على استقراره، وإيجاد نظام تحديد سعر الصرف لإحداث التوازن في ميزان المدفوعات للاقتصاد الوطني.
وعن التعويم المراد، والذي تتّجه السياسة النقدية في سورية إليه، يقول الزامل: ضمن هذا النظام المتطور تقوم السلطات بتعديل أسعار صرفها بتواتر، على أساس مستوى الاحتياطي لديها من العملات الأجنبية والذهب، وعلى أساس وضعية ميزان المدفوعات، ومن أبرز أهداف سعر الصرف العائم مقاومة التضخم وتحسين مستوى تنافسية المؤسسات، وتخصيص الموارد وتوزيع الدخول وتنمية الصناعة المحلية، وبالتالي ينبغي على راسم السياسة النقدية محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية: ما هو سعر الصرف العائم، وكيف تتمُّ تغطية مخاطره وتحديده؟، وما الأدوات التي سيستخدمها، والآليات والميكانيزمات المعتمدة في تنظيم الصرف وتبادل العملات، وما هي العوامل المؤثِّرة في سعر الصرف في ظروف الاقتصاد الوطني حالياً، ومستقبلاً، لاسيما في ظلِّ التحولات الجديدة التي يشهدها الاقتصاد السوري؟؟..                                             
كلُّ ذلك لضمان الوصول إلى مزايا سعر الصرف العائم، من تصحيح الاختلال في ميزان المدفوعات، والتوازن التلقائي للتكيّف مع وجود سعر صرف عائم، وهذا يعتمد على مرونة الطلب السعرية للواردات والصادرات.. المرونة سعر صرف عائم في مرحلة الأزمة، تحدث تغييرات كبيرة في نمط التجارة، وتسمح بإعادة ضبط الاقتصاد بشكل أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية، وخلق الفرصة البديلة للاحتياطات النقد الأجنبية لدى المصرف المركزي، والتي غالباً ما تكون الاحتفاظ بها بكميات كبيرة، من أجل مواجهة الاحتمالات غير المتوقَّعة وقت الأزمات، هذه الاحتياطات لديها تكلفة الفرصة البديلة.

سلبيات التعويم

يشير الزامل إلى المساوئ التي يتضمَّنها سعر الصرف العائم، ولعل الأنظار أكثر انجذاباً نحو مساوئ لا يتحمَّل الاقتصاد السوري الوقوع فيها، حيث يقول: مِن مساوئ سعر صرف عائم، عدم التأكد واليقين في التجارة، ما يخلق حالة من عدم الاستقرار، حيث إنَّ التغيرات في قيمة العملة من يوم إلى آخر تدخل في عدم الاستقرار، أو عدم اليقين بالتجارة, وهذا سيؤثِّر في معدل تغيّر الأسعار، والمبيعات، بطريقة مشابهة لا تعرف كم ستكون تكلفة استيراد كمية معينة من البضائع الأجنبية، ويمكن تخفيض هذه الشكوك عن طريق التحوّط من مخاطر العملات الأجنبية في السوق، ونقص الاستثمار وعدم اليقين يمكن أن يؤدِّي إلى نقص الاستثمارات في الداخل، وكذلك في الخارج، والمضاربة سوف تميل إلى أن تكون جزءاً لا يتجزَّأ من نظام التعويم، ويمكن أن تكون مدمِّرة ومزعزعة للاستقرار بالنسبة إلى الاقتصاد، حيث إنَّ التدفقات الناجمة عن المضاربة قد تختلف كثيراً عن النمط الأساسي للتدفقات التجارة، والحكومة سوف تتبع سياسات اقتصادية تضخمية، تؤدِّي بدورها إلى مستوى من التضخم الذي يمكن أن يسبِّب مشكلات للاقتصاد؛ أي عدم الانضباط في إدارة الاقتصاد.

المصدر: إباء منذر- بلدنا







ملتقى طلاب جامعة دمشق




أنت غير مسجل لدينا.. يمكنك التسجيل الآن.
 








ملتقى طلاب الجامعة... منتدى غير رسمي يهتم بطلاب جامعة دمشق وبهم يرتقي...
جميع الأفكار والآراء المطروحة في هذا الموقع تعبر عن كتّابها فقط مما يعفي الإدارة من أية مسؤولية
WwW.Jamaa.Net
MADE IN SYRIA - Developed By: ShababSy.com
أحد مشاريع Shabab Sy
الإتصال بنا - الصفحة الرئيسية - بداية الصفحة