[x]

"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"


..لمحة عن كليات جامعة دمشق و فروعها... شاركنا تجربتك وكلمنا عن اختصاصك



المحـاضـرات
برنـامج الـدوام
برنـامج الامتحــان
النتـائج الامتحـانيـة
أسـئلة دورات
أفكـار ومشــاريع
حلقــات بحـث
مشــاريع تخـرّج
"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"
كلية الحقوق

مشاريع وأعمال حالية.. وإعلانات
الى طلاب كلية الحقوق ..بشأن التكميلية والتأجيل وقصة التسجيل..تفضلوا
برنامج الدورة التكميلة لكلية الحقوق 2012
برنامج امتحانات كلية الحقوق الفصل الثاني ..نهائي
الى طلاب الحقوق الاكارم..التحية
الأرقام الامتحانية لطلاب السنة الرابعة حقوق
الأرقام الامتحانية لطلاب السنة الاولى..كاملة
المحذوف والمطلوب في المقررات لكل السنوات..حقوق
برنامج امتحانات كلية الحقوق للفصل الأول..نهائي..بالتوفيق
برنامج دوام الدراسات العليا/معدل/
عضو + مشرف = منتدى هادئ وراقي ومحبب..تحت المجهر
مواضيع مميزة..


بســـــــــ الله ــــــــــم   الرحــــــــــــ الرحيم ــــــمن

 

أهلاً وسهلاً بكم

..العدل أساس الملك..

مركز تحميل الصور

  ملتقى طلاب جامعة دمشق --> كلية الحقوق --> -:- حـق (حــقــوقـيـيـن) يقـيـن -:- --> -:- نقاشات (آراء) حوارات -:-
    واجبات الدول في القانون الدولي
عنوان البريد :  
كلمة المرور :  
                    تسجيل جـديد


.واجبات الدول في القانون الدولي


syriasamar

جامعـي مشــارك





مسجل منذ: 03-04-2010
عدد المشاركات: 66
تقييمات العضو: -6
المتابعون: 69

غير موجود
اشــترك بالتحديثات
رسالة مستعجلة

واجبات الدول في القانون الدولي

10-05-2010 08:42 AM




إن حقوق الدول إما أنها تعكس خصائص هذه الكيانات المسماة بالدول، أو أنها تمثل في حالات معينة واجباتها أو التزاماتها، وسواء اعترف المرء أم لم يعترف بوجود قانون يحكم العلاقات الدولية، فإن ثمة حقيقة قائمة هي أن رجال السياسة- سواء أكانوا من النوع الميكافيلي(*) أم من النوع الآخر- متفقون على وجود نوع من القانون يحكم العلاقات الدولية. فالدولة حين تعقد معاهدة مع غيرها من الدول تتوقع من الطرف الآخر في المعاهدة مراعاة أحكامها. وكل دولة تنتهك حرمة المعاهدة إما أن تعمد إلى نفي هذا الانتهاك، أو إلى الدفاع عنه بحجج منمقة، يقصد منها الظهور بأنها محقة في عملها من الناحية الأدبية أو من الناحية القانونية. ولذلك فإنه بات من الضروري معرفة ما يدخل في عداد واجبات الدول في علاقاتها المتبادلة. وبتعبير آخر، فإن كل حق يقابله واجب، ولكن الدول -شأنها في ذلك شأن الأفراد- تفكر دوماً بحقوقها وترغب في ممارستها كاملة غير منقوصة، وقلما تفكر جدياً بما يترتب عليها من واجبات.( )
ويمكن القول بأن الواجبات القانونية للدول تتلخص في التزامها بما يلي:
1-احترام الحقوق الأساسية المقررة لكل منها.
2-مراعاة قواعد القانون الدولي العام والسير على مقتضاها.
3-احترام العهود التي ارتبطت بها وتنفيذ تعهداتها الدولية بحسن نية.
وقد أشرنا في المبحث الأول المتعلق بحقوق الدول إلى ما يتفرع عن الالتزام الأول من واجبات. أما مؤدى الالتزامين الثاني والثالث فواضح لا يحتاج إلى تعليق خاص. ومع ذلك فإننا سنعطي فكرة موجزة عن بعض واجبات الدول ذات الأهمية الخاصة.( )
المطلب الأول -واجب عدم التدخل
أولاً- التدخل المحظور:
إن الالتزام الأساسي للدول بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لاية دولة أخرى، أو في العلاقات بين الدول الأخرى، يعتبر واحداً من أقدم واجبات الدول التي تضمّنها كلا القانون الدولي العرفي والعديد من الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف. ومما لا شك فيه أن مثل هذا التدخل محظور قاعدة في القانون الدولي، لأن هذا القانون إنما وجد، جزئياً على الأقل، لحماية الشخصية الدولية لكل دولة من دول العالم، وفي التدخل افتئات على حق الدول في الحرية والاستقلال والسيادة. والمقصود بعدم التدخل عدم اتيان الدولة أي عمل قسري في الشؤون الداخلية أو الخارجية للدول الأخرى، فهو يتراوح بين شن الحرب الإذاعية والحرب النفسية والحرب الاقتصادية وإثارة الحروب الأهلية وبين الحرب الفعلية.( )
ثانياً- التدخل المشروع:
وحقيقة أن بعض الحقوقيين البارزين يبرر أنواعاً معينة من التدخل تعكس القلق المتزايد لدى فقهاء القانون الدولي الذين يرغبون في ديمومة نظرية منع التدخل على الاطلاق، مع ميلهم إلى الموافقة على شكل ما من التدخل لأنهم يرون أنه مرغوب فيه لاعتبارات إنسانية أو من وجهة نظر سياسية، أو لأن المنطق يبدو في بعض الأحيان وكأنه يُملي صواب اللجوء إلى التدخل، على الرغم من بقاء المنع القانوني الشامل. وقد ينشأ حق التدخل -والذي تحدد شرعيته الظروف المحيطة بالتدخل- بواحد من عدة طرق:
1-قد تُمنح دولة حامية حق التدخل في دولة محمية بموجب معاهدة.
2-حينما تكون العلاقات الخارجية لدولة ما تمثل في الوقت ذاته شؤوناً خارجية لدولة أخرى، فإنه يجوز لهذه الأخيرة أن تتدخل بصورة مشروعة إذا انفردت الدولة الأولى في تصرفاتها، ويصح هذا القول في حالة الدولتين التابعة والمتبوعة مثلاً.
3-حينما تفرض معاهدة ما قيوداً على دولة معينة فيما يتعلق بسيادتها الاقليمية أو استقلالها الخارجي، وتخرق هذه الدولة القيود المفروضة، فإن للطرف أو الأطراف الأخرى في المعاهدة الحق في التدخل بصورة مشروعة.
4-حينما تعمد دولة ما إلى خرق القواعد المسلم بها في القانون الدولي العرفي أو الاتفاقي، فإن للدول الأخرى الحق في التدخل، وعلى سبيل المثال، إذا عمدت دولة محاربة إلى انتهاك حقوق دولة أو دول محايدة خلال نزاع ما، فإن من حق الدول المحايدة أن تتدخل ضد الدولة المحاربة التي أقدمت على الانتهاك.
5-يحدث التدخل المشروع في حالة الإجراء الجماعي الذي يتخذه جهاز دولي بالنيابة عن المجتمع الدولي، أو بغية تنفيذ مبادئ وقواعد القانون الدولي، ويصدق هذا القول بدون شك فيما يتعلق بالتدابير الوقائية أو العلاجية التي تتخذها وكالات تابعة لهيئات كالأمم المتحدة، أو نيابة عنها.
6-يعتبر التدخل مشروعاً حين يحدث بناء على طلب صريح من الحكومة الشرعية لدولة من الدول. وهذا التدخل، شأنه شأن كل تدخل آخر، إنما تحدد شرعيته الظروف المحيطة بالتدخل. فالولايات المتحدة رأت في التدخل السوفياتي في المجر عام/ 1956 تدخلاً غير مشروع لأن حكومة "كادار" التي طلبت المساعدة السوفياتية بموجب شروط "حلف وارسو" لم تكن تمثل حكومة شرعية في المجر، وإنما كانت حكومة صورية أقامتها الدولة ذاتها التي طلب منها تقديم المساعدة العسكرية والتدخل.( )
وخلاصة القول أنه مهما بدت مبررات التدخل العسكري في حالات معينة على أنها مبررات أدبية أو مرغوب فيها أو معقولة، فإن هناك حقيقة ثابتة مفادها أن التدخل في حد ذاته يشكل انتهاكاً لحقوق يجب ألا تنتهك كما أنه يمثل عملاً عدائياً، ويمكن اعتباره "عملاً لم يكن ليحدث لولا التفوق العسكري للدولة المتدخلة"( )
ويعني واجب الامتناع عن التدخل المسلح بوضوح -في جملة ما يعني- أنه لا يجوز لأية دولة أن تسمح باستعمال أراضيها لشن حملة معادية على دولة أخرى.
ثانياً- التدخل غير المسلح أو التدخل الهدام:
لقد تركز البحث في التدخل حتى الآن على التدخل التقليدي في الشؤون الداخلية لدولة أخرى بواسطة القوة المسلحة. ومن الواضح أن هذا لا يمثل الشكل الوحيد الممكن للتدخل. فهنالك التدخل الهدام الذي يتم من قبل الدول أو من قبل جماعات خاصة.
1-التدخل الهدام من قبل الدول:
يعتبر التدخل الهدام من قبل الدول من أكثر المشكلات صعوبة في هذا المجال. ففي عالم يمزقه عدد من الأيديولوجيات المتنافسة، وتسيطر فيه أنظمة حكم ديكتاتورية أو فاشستية في عدة دول وبشروط لا تتفق مع أبسط متطلبات الكرامة الإنسانية، أجل في مثل هذا العالم، يواجه الباحث في مسائل القانون الدولي بمعضلة ذات أبعاد ليست بالصغيرة.
آ-الالتزام القانوني بالامتناع عن التدخل:
يوجد التزام قانوني على كل دولة لا شك فيه، تكرر في "ميثاق الأمم المتحدة"، بالامتناع عن التدخل واحترام السلامة الاقليمية والاستقلال السياسي لجميع الدول الأخرى. ويوجد في الوقت ذاته واجب أو التزام قانوني مماثل على كل دولة بالامتناع عن كل تدخل هدام، أي الامتناع عن القيام بدعاية أو بإصدار بيانات رسمية أو تشريعات من أي نوع كان بقصد إثارة تمرد، أو فتنة، أو خيانة، ضد حكومة دولة أخرى.
وبتاريخ الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947م اتخذت "الجمعية العامة للأمم المتحدة" قراراً بالاجماع بشأن إدانة جميع أشكال الدعاية التي تثير الفتن، ولكنها اقتصرت في ذلك على الدعاية التي قد تثير تهديدات للسلام أو عملاً عدوانياً. وبتاريخ الأول من كانون الأول (ديسمبر) 1949، حثت "الجمعية العامة" جميع الدول على الامتناع، ضمن أمور أخرى، عن أية تهديدات أو أعمال تهدف إلى إثارة حرب أهلية أو تقويض إرادة الشعب في أية دولة أخرى، وهو طلب تكرر بلهجة تعبّر عن قلق أعمق بتاريخ السابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 1950م.
كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في طليعة الدول التي دانت التدخل الهدام.( ) ومما لا شك فيه أن العالم سيكون مكاناً أكثر سلماً وأمناً للجميع إذا تلاشت المهاترات المتبادلة ومحاولات إفساد سكان دول أخرى. وقد قال الرئيس الأمريكي السابق "إيزنهاور" بتاريخ السادس عشر من نيسان (ابريل) 1953في هذا الصدد ما يلي:
"إن حق أية دولة في اختيار شكل حكومتها ونظامها الاقتصادي هو حق ثابت. وأن محاولة أية دولة لفرض شكل حكومتها على دولة أخرى أمر لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه"( )
ب-مشكلات التدخل الهدام:
وبالطبع فإن المشكلة هي أنه بالرغم من أن ولاية أية دولة هي ولاية اقليمية تنحصر داخل أراضيها، فإن لدول كثيرة مصالح في الخارج، أو أنها تنتهج سياسة خارجية تؤثر على دول أخرى، وغالباً ما يكون هذا التأثير في الصميم إلى أبعد حد. وحينما يبدو بأن مثل هذه السياسة الخارجية أو مثل هذه المصالح في الخارج تستدعي الحاجة إلى حكومة أكثر وداً، أو أسهل انقياداً، أو أكثر تطرفاً، أو أكثر محافظة في دولة أخرى لخدمة مصالح الدولة الأولى على نحو أفضل، فإن الإغراء سيكون كبيراً، في الواقع، للقيام بمحاولة تخريب الدولة الأخرى بطريقة يمكن معها تحقيق النتائج المرغوبة. وأن مشكلة مواجهة مثل هذا التدخل الهدام تزداد تعقيداً إلى حد لا يصدق بسبب اعتبارات تتعلق بحرية التعبير عن الرأي التي يمكن أن تكون سائدة في دولة معينة، وبالمشكلات الفنية التي ينطوي عليها وقف الدعاية عبر الحدود الوطنية.
ج-التسلل من جانب حكومات أجنبية:
عُرفت أنواع معينة من التدخل الهدام منذ وقت طويل وحُظرت بموجب أحكام القانون الدولي العام العرفي أو الاتفاقي، ولكن التقدير يصبح أصعب بكثير في حالة قيام منظمة حكومية أجنبية بالتسلل، وذلك لأن العادة جرت على أن تستغل الدولة القائمة بالتدخل مواطني الدولة التي تجري الأعمال الهدامة فيها، وغالباً ما يكون من الصعب تحديد مدى اعتماد هؤلاء المواطنين على تلك المنظمة. غير أنه إذا أصبح في الإمكان إقامة الدليل على أن المتسللين هم عملاء دولة أجنبية، فإن البينة على التدخل غير المشروع تصبح متوفرة، شريطة ألا تسمح قوانين الدولة التي تكتشف التدخل بمثل هذا المدى الذي وصل إليه التدخل. ومن الواضح أن أي عمل مكشوف أو دعاية مكشوفة من جانب دولة ما بقصد تحريض شعبها على ارتكاب عدوان ضد دولة أخرى، أو تحريض دولة ثالثة على ارتكاب مثل هذا العدوان، يعتبر عملاً غير مشروع. والمقياس المعياري الواجب تطبيقه على أية ممارسة لتحديد صلتها بالتدخل، يجب أن يكون وجود أو عدم وجود "خطر حالّ وواضح".( )
2-التدخل الهدام من قبل جماعات خاصة:
آ-مضمونه:
لقد عالج البحث حتى الآن أعمال الحكومات التي تروّج لشكل ما من أشكال التدخل الهدام. وحينما تصدر مثل هذه الأعمال عن أفراد أو جماعات خاصة، فإن الحكومات ترفض عادة قبول المسؤولية عنها. ومن الواضح أن الدولة التي تتأثر سلباً بالدعاية المنطلقة من مصادر خاصة في دولة مجاورة، لا تكتفي بالاحتجاج على هذا العمل فقط، وإنما تحاول أيضاً منع وصول الدعاية الهدامة إلى مواطنيها عن طريق الرقابة الصحفية، والتشويش على البث الإذاعي وعلى البث التلفزيوني الخ... ومن الانصاف القول، أن مثل هذه التدابير الدفاعية، مهما تكن طبيعتها، هي من حق أية حكومة، ولا يمكن اعتبارها تدابير غير مشروعة، ومع ذلك، ألاّ تشجع دولة ما الأعمال الهدامة، وبالتالي تروج لنوع من أنواع التدخل، حينما تسمح لمواطنيها بالقيام بالدعاية ضد دولة أخرى عبر الحدود؟ وألا تعتبر الدولة، حين تواصل جهودها لمنع الدعاية التي تتخذ من الاقليم المجاور منطلقاً لها، بأنها تمارس حق الدفاع عن النفس؟
ب-القذف العلني والافتراء على حكومات أجنبية:
هناك وجه آخر لهذه المشكلة يتعلق بالقذف العلني والافتراء على الحكومات الأجنبية. فإذا تلفظ الأفراد العاديون بتعابير تتضمن قذفاً علنياً على حكومة أجنبية، فإن المسؤولية عن ذلك العمل لا تنتقل إلى حكوماتهم. ومع ذلك فإن هناك عدداً من الدول الديموقراطية التي تبدي استعدادها لمحاكمة مواطنيها بتهمة القذف العلني بحق حكومات أجنبية أو رؤساء هذه الحكومات، شريطة المعاملة بالمثل في هذا الشأن، أي أن تنزل الدولة موضوع القذف العلني عقوبات مماثلة بحق مواطنيها إذا هم أقدموا على ارتكاب أعمال مماثلة.
غير أنه إذا اشترك موظف حكومي في مثل هذه الأعمال فإن من واجب حكومته منعه، أو تأنيبه، أو حتى معاقبته، إذا أريد الابقاء على علاقات ودية مع الحكومة التي يدعي بأنها كانت موضع افتراء أو قذف علني، ومن جهة ثانية، فإن الملاحظات التي يُدّعي بأنها تنطوي على افتراء والصادرة عن موظف محلي غير مرتبط بالحكومة الوطنية لا تثير أية مسؤولية وطنية، إلا إذا تطلبت اعتبارات سياسية بالطبع تقديم اعتذار رسمي إلى حكومة الدولة أو رئيس الدولة موضوع الافتراء.
كذلك يجب ألا يعتبر البث الإذاعي الخاص أو البث التلفزيوني الخاص اللذين يهاجمان أو يقذفان بحق الحكومات الأجنبية على أنهما يستتبعان المسؤولية الدولية للدولة، إلا إذا صدرت البيانات الهجومية من محطة أو شبكة تملكها الحكومة أو تخضع لسيطرتها.
ج-مشكلات الرقابة:
تعتبر مشكلة فرض رقابة معقولة على أنشطة الدعاية الدولية من الخطورة بحيث يبدو أنه من المرغوب فيه جداً إجراء المزيد من البحث الذي يسفر عن القيام بعمل ما في هذا الشأن من خلال عقد اتفاقيات متعددة الأطراف. غير أن الصعوبات الواضحة التي تعترض سبيل مثل هذه الرقابة يعتقد أنها من طبيعة تجعل أية هيئة دولية مترددة في أن تبدأ ولو ببداية متواضعة، في القيام بهذه المهمة، وعلى الرغم من كثرة ما كتب حول هذا الموضوع فإنه لم يتحقق إلا القليل على الصعيد العملي. ومع أنه تم عقد اتفاقات كثيرة، إلا أنه لم ينتج عنها حتى ما يقترب من قانون اقليمي. وما دامت الخلافات العقائدية تقسم دول العالم إلى جماعات متناحرة، فإن ثمة أملاً ضعيفاً في التوصل إلى نظام عملي ومعقول للرقابة، ولعل أكثر ما يستطيع المرء أن يأمل فيه في الوقت الحاضر هو التمكن من التوصل إلى التزام متبادل برقابة، أو حتى منع، الدعاية الهدامة التي تستهدف الدول المعنية، ويكون هذا الالتزام مقبولاً منها.
المطلب الثاني -واجبات أخرى للدول
أولاً- واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية:
هنالك واجب مفروض على الدول مسلم به نظرياً بصورة عامة، ولكنه كثيراً ما يتعرض للانتهاك عملياً هو واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية في إقليم دولة أخرى، والحيلولة دون تنظيم أنشطة في اقليمها تهدف إلى إثارة مثل هذه الاضطرابات الداخلية. ولقد تمت معالجة هذا الواجب عند البحث في واجب الامتناع عن التدخل، على الرغم من أن مشروع إعلان حقوق وواجبات الدول الذي أعدته "لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة" المذكور في بداية البحث يدرجه في بند مستقل.
ثانياً- واجب عدم تهديد السلام والنظام الدوليين والاقليميين
يقع على عاتق كل دولة واجب التأكد من أن الأحوال السائدة ففي أقليمها لا تؤدي إلى تهديد السلام والنظام الدوليين والاقليميين ويعتبر هذا الواجب نتيجة طبيعية معقولة لمفهوم السيادة الوطنية، حيث يفترض في كل دولة تنفرد وحدها بالسلطة في اقليمها أن تستخدم مثل هذه السلطة بطريقة فعالة للحيلولة دون وقوع خطر يهدد الدول المجاورة.
وحينما تخفق دولة ما في المحافظة على درجة كافية من السيطرة للحيلولة دون وقوع مثل هذا الخطر على جاراتها، فإنها ستكون ملزمة بتحمل المسؤولية عن النتائج المترتبة على إخفاقها كحكومة دولة ذات سيادة.( )
ثالثاً- واجب تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية:
يقع على عاتق كل دولة واجب الالتزام بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية التي حددها الفصل السادس من "ميثاق الأمم المتحدة" فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية من "الميثاق" ما يلي:
- يقوم أعضاء المنظمة بتسوية منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه من شأنه ألا يعّرض السلام والأمن الدوليين والعدل للخطر".
كما نصت المادة /33/ من "الميثاق" ما يلي:
1-يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر أن يلتمسوا حلّه، بادئ ذي بدء، بطريق المفاوضة، أو التحقيق، أو الوساطة، أو التوفيق، أو التحكيم، أو التسوية القضائية، أو اللجوء إلى الوكالات أو التنظيمات الاقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع اختيارهم عليها.
2-ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الوسائل إذا رأى ضرورة لذلك.
وقد ذهب "الميثاق" إلى حد فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على الدولة المعتدية، ولكن بالطبع، ضمن الشروط التي تأتلف مع مبدأ سيادة الدول، ومنذ توقيع الميثاق، ظهر للوجود عدد كبير من الاتفاقات الثنائية والجماعية، وكلها تنص على واجب الدول بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية وعدم اللجوء إلى الحرب إلا في حالة الدفاع المشروع. لهذا يمكن القول بأن هذا الالتزام أصبح واحداً من الواجبات الرئيسية للدولة في عصرنا هذا، رغم عدم تقيد عدد من الدول الأعضاء في المنظمة به حين تندفع وراء مطامعها السياسية أو الاقتصادية متناسية بذلك واجبها القانوني هذا.( )

رابعاً -واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب:
يقع على عاتق كل دولة واجب الامتناع عن الالتجاء إلى الحرب كأداة لسياستها الوطنية، والامتناع عن كل تهديد باستخدام القوة أو استخدامها سواء ضد السلامة الاقليمية أم الاستقلال السياسي لدولة أخرى، أو على وجه آخر يتعارض مع القانون والنظام الدوليين. فقد تضمن "ميثاق الأمم المتحدة" قيداً هاماً على مبدأ السيادة المطلقة في مظهره الخارجي. فالأصل أن من الحقوق التي تتفرع على السيادة حق كل دولة في إعلان الحرب أو اتخاذ موقف الحياد في حرب قائمة بين غيرها من الدول. غير أن "ميثاق الأمم المتحدة" قضى على ذلك، لأنه قام على فكرة نبذ الحروب والامتناع عنها، ووجوب استتباب السلم والأمن الدوليين، وقد تضمن "الميثاق" أحكاماً صريحة في هذا الخصوص ومن ذلك:
-ديباجة الميثاق، والتي جاء فيها ما يلي:
"نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا على أنفسنا:
أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا:
* أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار.
*وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدوليين.
*وأن نكفل، بقبولنا المبادئ وبوضعنا الأساليب، عدم استخدام القوة المسلحة، إلا في سبيل المصلحة المشتركة.
المادة الأولى من "الميثاق" والتي جاء فيها:
"إن مقاصد الأمم المتحدة هي:
1-حفظ السلام والأمن الدوليين، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولازالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم."
-الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة الثانية.
-الفصلان السادس والسابع من الميثاق.
ومما لا شك فيه أن الأحكام الواردة في "الميثاق" تعتبر التزامات صريحة في عدم التجاء الدول إلى إعلان الحرب أو الاشتراك فيها، وهي بذلك تنفي حق الدولة في الاستناد إلى السيادة في هذا النطاق. على أن "الميثاق" استثنى من ذلك حالة واحدة، هي حالة الدفاع المشروع عن النفس.( ) وكنا قد أشرنا إلى ذلك في المبحث الأول عند معالجة حق الدفاع المشروع عن النفس. وتجدر الإشارة هنا إلى أن واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب يعتبر جزءاً لا يتجزأ من واجب عدم التدخل، إلا أن "مشروع إعلان حقوق وواجبات الدول" الملمح إليه آنفاً، والمذكور في بداية هذا البحث، يدرجه في بند مستقل.
خامساً- واجب الامتناع عن مساعدة الدولة المعتدية والتعاون مع الأمم المتحدة في نظام الأمن الجماعي:
إن أساس التنظيم الدولي الذي نعيشه اليوم متمثلاً في "هيئة الأمم المتحدة" والمنظمات الاقليمية هو فكرة الأمن الجماعي التي تعني بايجاز التصدي الجماعي للمعتدي ونجدة المعتدى عليه ضماناً للسلم والأمن الدوليين.
وعلى هذا نجد أن الفقرة الخامسة من المادة الثانية من "الميثاق" تنص على مايلي:
"يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من مساعدة إلى (الأمم المتحدة) في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ (الأمم المتحدة) إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع".
وهكذا فإن هذا الواجب يتفرع إلى واجبين:
أحدهما: سلبي يتمثل في عدم الانحياز إلى جانب الدولة التي تؤدبها (الأمم المتحدة).
وثانيهما: إيجابي يتمثل في ضرورة وضع الدولة كل إمكانياتها تحت تصرف (الأمم المتحدة) في إعمال الفصل السابع من الميثاق.( )
سادساً- واجب الامتناع عن الاعتراف بالتوسع الاقليمي:
يقع على عاتق كل دولة واجب الامتناع عن الاعتراف بأي مكسب اقليمي تناله دولة أخرى اخلالاً بنصوص "الميثاق" وخاصة الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه والمتعلقة بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها. ومما يؤسف له إن هذا الواجب لم يكن موضع احترام دائم من قبل الدول الأعضاء في المنظمة، ومن ذلك احتلال الأراضي العربية، وما نتج عنه من استعمال الشعب في هذه الأراضي حقه المشروع في المقاومة.
سابعاً- واجب تنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية:
يقع على عاتق كل دولة واجب تنفيذ الالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولية وغيرها من مصادر القانون الدولي بحسن نية، ولا يجوز لأية دولة أن تستند إلى نصوص دستورها أو قوانيها كعذر لاخفاقها في أداء هذا الواجب.
ويعتبر مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين" من أقدم مبادئ القانون الدولي، حتى وإن كانت هناك خلافات في الرأي فيما يتعلق بالطبيعة المطلقة لهذا المبدأ، وكذلك فيما يتعلق بالظروف التي يمكن في ظلها اهمال هذا المبدأ بصورة قانونية. ويمثل واجب تنفيذ الالتزامات بحسن نية شرطاً جوهرياً وأساسياً لأي نظام قانوني، على الرغم من أن نطاق هذا الواجب يمكن أن يكون موضوعاً لتفسيرات مختلفة.
ثامناً- واجب التقيد بالقانون الدولي:
يقع على عاتق كل دولة واجب التقيد في علاقاتها مع الدول الأخرى بأحكام القانون الدولي، ويمثل هذا الواجب، كالواجب السابق، شرطاً أساسياً لوجود نظام قانوني، وعلى الرغم من أنه لا يمكن توقع الانصياع لأحكام القانون الدولي -على غرار أي قانون آخر- في كل حالة، فإن الواجب الأساسي لا يمكن انكاره، وهو واجب ملزم لكل دولة.
تاسعاً -واجب الحيلولة دون التلوث:
يقع على عاتق كل دولة واجب حديث العهد تماماً هو اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون القيام بأي عمل داخل أراضيها يلوث بأي شكل من الأشكال مياه دولة مجاورة أو أجواءها. ولا يوجد حتى الآن قانون اتفاقي حول هذا الموضوع. ولكن "المبادئ العامة للعدالة" تشير إلى وجود مثل هذا الواجب على ما يبدو، وأخص بالذكر مبدأ التعسف في استعمال الحق. وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى القرار الذي أصدرته محكمة التحكيم في "قضية مصنع صهر المعادن" في شهر آذار من عام/ 1941 بشأن الضرر اللاحق بولاية واشنطن (الولايات المتحدة) جراء الأبخرة المتصاعدة من مصنع لصهر المعادن في كولومبيا البريطانية (كندا) فقد أكدت المحكمة في قرارها أنه:
"بمقتضى مبادئ القانون الدولي، لا يحق لأية دولة أن تستعمل اقليمها أو تسمح باستعماله بطريقة تتسبب، نتيجة للأبخرة، في الحاق الضرر باقليم دولة أخرى، أو بالممتلكات، أو بالأشخاص في هذه الدولة، كما يعتبر دومينيون كندا مسؤولاً أيضاً بمقتضى القانون الدولي عن إدارة مصنع صهر المعادن"( ).
كما ينادي البعض باعتبار الدولة التي تستعمل اقليمها بقصد إجراء تجارب ذرية مسؤولة عن الأضرار التي تنتج عن الإشعاعات الذرية وعن الغبار الذي يصل إلى أقاليم الدول الأخرى.
عاشراً- واجب منع التزييف:
يقع على عاتق كل دولة واجب منع تزييف النقد والعملات وطوابع البريد والسندات المالية العائدة لدولة أخرى، ولقد اعتبرت بعض الدول نفسها ملزمة بمنع التزييف وذلك بسنّها التشريع الداخلي المناسب، حتى ولو لم تكن منضمة إلى اتفاقيات دولية تقضي بمنع مثل هذه الممارسات.
ومهما يكن من أمر، فإن حلول حالة حرب يلغي الواجب الموضوع في البحث تجاه الدول العدوّة، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى جميع الواجبات الأخرى للدول عملياً. ففي الحرب العالمية الثانية زيفت المانيا ورقة النقد البريطانية من فئة الخمسة جنيهات، بينما زيفت بريطانيا طوابع البريد الألمانية بغية الإسراع في إرسال بطاقات دعاية عن طريق البريد معنونة بأسماء عينات عشوائية من المواطنين الألمان في المدن التي تعرضت للقصف من قبل السلاح الجوي الملكي. فقد ألقيت من الطائرات حقائب -هي تقليد متقن للحقائب البريدية الألمانية الرسمية- مليئة بالبطاقات المعنونة والتي ألصقت عليها الطوابع على النحو المذكور، على أمل أن المواطنين الألمان، اعتقاداً منهم بأنهم سقطت من سيارات البريد خلال الفوضى الملازمة للقصف الجوي، سيقومون بنقلها إلى أقرب مركز للبريد لتوزيتعها على المرسل إليهم.
حادي عشر- واجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية:
شددت "لجنة القانون الدولي" على أنه يقع على عاتق كل دولة واجب معاملة جميع الأشخاص الخاضعين لسيادة الدولة على أساس المساواة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لهم دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين. وهذا الواجب منصوص في المادة السادسة من "مشروع إعلان حقوق وواجبات الدول". ومع ذلك، فإنه لا يمكن الإقرار بأن هذا الواجب موجود كقاعدة عامة، مهما كان جديراً بالإعجاب من وجهة نظر أخلاقية، وأن مدى التدخل الشديد، الذي لا شك فيه، في الشؤون الداخلية للدول ذات العلاقة بتطبيق هذا الواجب، يثير الشكوك حول وجود هذا الواجب ذاته. وقد يأتي يوم في المستقبل تقبل فيه غالبية الدول الأعضاء في المجتمع الدولي بهذا الواجب بمقتضى تشريع داخلي مناسب تسنه لهذا الغرض، وفي هذه الحالة يجب أن تكون الروح الإيجابية هي رائد الدولة عند تطبيقه قبل الإدعاء جدياً بأن هذا الواجب قائم ومنتج لمفاعيله







ملتقى طلاب جامعة دمشق




أنت غير مسجل لدينا.. يمكنك التسجيل الآن.
 








ملتقى طلاب الجامعة... منتدى غير رسمي يهتم بطلاب جامعة دمشق وبهم يرتقي...
جميع الأفكار والآراء المطروحة في هذا الموقع تعبر عن كتّابها فقط مما يعفي الإدارة من أية مسؤولية
WwW.Jamaa.Net
MADE IN SYRIA - Developed By: ShababSy.com
أحد مشاريع Shabab Sy
الإتصال بنا - الصفحة الرئيسية - بداية الصفحة